28 سبتمبر 2013

على غير العادة


مرت ساعة على دخول ذلك الشاب الى تلك القاعة
ليس بها احد .. اعلم ذلك .. انا ايضاً انتظر الدكتور ليلقى المحاضره بفارغ الصبر
لا اعلم لماذا اتيت باكراً اليوم على غير عادتى من التأخير  !
كنت افتح الباب فى خجل وسط انهماك الطلبة فى تركيزهم وتعمق الدكتور فى الشرح
اقاطعهم جميعاً بإبتسامة باهته مخجلة وانا ادعوا الله فى سرى بالا اتعرض باسؤا من ذلك الاحراج
ينظر الى الدكتور نظرة كإنه يقول " لماذا اتيتِ" ..
ربما المواصلات هى السبب ولكننى لا اعرف الصراحة السبب الحقيقى وراء ذلك التأخير
وعلى غير العادة قررت ان اسبقهم جميعاً.. ليدخلوا جميعاً ولارى فى وجوههم الدهشة !!

ولكن هذه المرة لم يشغفنى ذلك فقط ، بل شئ آخر
ماذا يفعل ذلك الشاب منذ ساعة فى تلك القاعة ؟!
وكيف دخل من الاساس وكإنه يأتى دائما الى هنا دون ان ينظر الى احد او يلتفت
لاحظته عدة مرات وهو  شارد بعيداً عما يقول الدكتور ينظر الى ذلك الفضاء الواسع
يمحلق فى اللانهاية عبر النافذة .. فى ماذا بالتحديد ؟! لا ادرى 
و لماذا هو هادئ هكذا.. تقريبا لم اسمع له صوتاً منذ بداية العام
لا اختلط بالاولاد كثيراً ولا احب ذلك ولكن ذلك الشاب لا يبدو عليه مثلهم ابداً
إنه.. كمن مرت فى حياتة احداث جعلته يفقد النطق
او لعل ذلك هى طبيعته .. ولكن كيف لا يتكلم؟! ، هل هو اخرس ؟!!!

لا ، فقد سمعته من قبل وهو يجيب على سؤال مرة ولكنى لم اعره اهتمام
كنت انظر الى ذلك الهاتف الجديد الذى اشتراه لى ابى منذ فتره قصيرة
فقد نجحت بتقدير العام السابق وكان ذلك شرطاً للهاتف
يجعلنى على الانترنت معظم الوقت حيث لا استطيع ان اجلس على الكمبيوتر
ذلك المحتل المخبول التائه معظم الوقت اخى الصغير !
لا اعلم لماذا تسكت عليه امى حينما يصرخ فى وجهى
مرات عديدة اشكوه الى ابى ثم اجده لا يفعل شئ الا حينما كنا نجلس على الغداء مره
قام بنهره اثر قيامه بضرب كوعه على كتفى ..
لا ادرى لماذا دائماً لا يريد ان يسمع صوتى يتكلم عنه .. هل لا اقول غير الحق ؟!

المهم اننى فى حيرة من امرى
لا استطيع الوقوف اكثر من ذلك ولا استطيع ان ادخل تلك القاعة واجلس
بينما ذلك الشاب بالداخل ..
لدى فضول غريب فى معرفة ماذا يفعل .. ولكن !
ماذا سيفعل حينما ادخل عليه فجأة مثلا ..؟!
هل سيرفع صوته فى ضيق ..؟ ليته يفعل
 ربما حينما يكون قد سمعت له صوت
او رأيت له حركه آدمية يفعلها مثل بقية الزملاء الذين لا يكفّون عن اطلاق النكات السذاجة
لماذا لا يلاحظون ان بتلك الطريقة يثيرون اشمئزاز الفتيات  ؟!
حتماً سأقوم يوماً بالرد على احد منهم وياخبذا لو  سارعته بقلم لذيذ على احدى خدّية
احب ذلك المشهد على وجوههم دائما !!

ثم فجأة ، وجدت ضالتى فى صديقتى التى اندهشت عندما رأتنى امامها
وعندما هممت بسؤالها عن ذلك الشاب امسكت نفسى برهة من الزمن
فلا اريد ان تلقى على اسماع الجميع اننى منتبه لاحداهم !
وبادرت بإخبارها بوجود احد بالداخل ثم ما لبثت ان فتحت الباب و... لم تجد شئ
ماذا..؟! اين ذلك الشاب اذا ؟... لقد اختفى

بعد لحظات حضر الدكتور ومعه بقية الزملاء واذ فجأة اثناء قيامى بالدخول
وقبل انغلاق الباب فى وجهى وجدت ذلك الشاب يمد يده ليدفع الباب
ثم يشير  لى بعلامه الدخول .. لا اعلم هل اصابتى بالذهول من اثر ارتداد الباب امامى
ام لاكتشافى فجأة ان ذلك الشاب كان مباشرة ورائى ..
وبعد ذلك تسمرت فى مكانى وسرت بداخلى شعور بافتضاح امرى
 حينما وجدته ينظر لى نظرة لن انساها ابداً .. وسؤال محير .. ماذا تعنى نظرته تلك ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عنوان بلا عنوان

  مرهق للغاية، اشعر بالتوتر والخوف ، وكأن ثقل كبير علي راسي وجسدي، الوقت ضيق، دايما ليس هناك متسع لفعل ما يجب ، او مساحة للتعبير بحرية ، لا ...