14 ديسمبر 2019

الدائرة المغلقة

وكأن العقاب الاكبر فى حياته هو رضاه عن حياته بهذا الشكل ، يستحق ذلك ، الدائرة المغلقة التي يعيش فيها والتفافه حولها ومحاولة الفكاك منها فى كل مرة تؤدي لنفس النتيجة ، العودة مرة اخري لنمط حياته المتكرر البائس ، بذرة المقاتل داخله تمنحه شعوراً طاغياً بالتمرد ، تمنحه تأكيداً بأن كل شئ سيتغير ، ولكن سرعان ما يعود ويتكيف ، يكره الاحساس بالهزيمة ولكن الدرس الذي تعلمه انه اذا كان لابد وان يحقق نصراً فعليه اولاً الاقرار بهزيمته نعم انا منهزم وجبان وطوال عمري كذلك ، بدلاً من البحث عن الحلول يتجه تفكيري بدلاً من ذلك للبحث عن تبريرات لماذا ؟ لكي انام لكي استمر لكي اظل علي قيد الحياة ، فى اللحظة التي افكر فيها بمدي خسارتي سينتهي امري حتماً ولكن لحظة .. ربما حان الوقت لتقبل ذلك وهذه المرة بالحقيقة المجردة ، بلا تبريرات اشعر بالاسي والالم وانا اكتب تلك الكلمات ، ولكني اعترف انني لا اقوي علي تلك الحياة !

30 نوفمبر 2019

داخل الكتيبة 2 - مذكرات




ما يحدث بين الجنود بعضهم البعض هو مثلما يحدث بين سكان ابناء منطقة واحدة ريثما لو كانت معزولة ومستلقة عن العالم المحيط بها فى الخارج ، حيث الطبقية  ، هناك القادة ثم الوسطاء ثم الناس العاديين ، القادة هم العقل و الناس هم الجسد بينما الوسطاء فهم الاشارات العصبية التي تربط بين ما يصدره العقل وما يجب علي الجسد تنفيذه ، القادة هنا يمثلهم  الظباط
والناس هنا هم الجنود بينما الاشارات العصبية الناقلة للاوامر فهي ظباط الصف ، هكذا ببساطة اتمني ان اكون قد وضحت الفكرة دون مبالغة او تعقيد ..

كما ذكرت دائما هناك طبقية فى التعامل ، هي ضرورة ، فى الجيش ليس الجميع متساوون ، هناك من يخطط وهناك من يشرف وهناك من يقوم بالتنفيذ علي ارض الواقع ويجب ان يظل كذلك والا سيكون لكل امرئ رأي ولن ينٌفذ اي شئ ابداً ، ولكن المشكلة
هنا ليست فى ذلك النظام انما فى المعيار ذاته ، اختيار الكفاءات في حد ذاتها ،  عندما تتحول تلك الطبقية التي تساعد علي الانظباط والانجاز الي تكبر واستعلاء واستغلال احياناً ، عندما تعامل غيرك بعلو وبفظاظة لا لشئ الا كونك جئت قبله فى هذا المكان ، او كان حظك سعيداً في الدنيا ان تخرجت من كلية عسكرية او تربيت فى حضن الميري منذ خروجك من الاعدادية
 بينما ذلك المسكين الذي أتي مجبراً هو الوحيد الذي لا راي له ولا ارادة ، لا تعطيه حتي مساحة الاختيار بين ان يدخل الجيش
او يظل مدنيا ويشق طريقه فى مكان يراه افضل من ذلك ، وللعلم فقط الكثير جداً من الناس تحب العسكرية وانا وحد منهم
واذا فتح باب الاختيار اعتقد ان الكثير لن يتردد فى الذهاب للجيش ، كونك مقدماً علي شئ بإختيارك افضل بكثير فى المعنويات من اجبارك عليها ، يكفي انك  كل مرة تري فيها شقاءاً ستحشذ همتك فى العبور منها وليس شعورك بالقهر علي اجبارك عليها .

بين الجنود وبعضهم البعض لا يختلف كثيراً عما بين الناس ، الفارق فقط ان الجنود من المفترض انهم يفعلون كل شئ فى مكان واحد متجمعين ، حياتهم تعتبر مكشوفة امام اعين كل منهم للاخر ، هناك القوي الذي لا يهاب شئ ، هناك الجبان ، هناك الذي يملأه شعور النقص ، وهناك الهادئ والملتزم والمطيع وهناك الشقي وهناك من يحب ان يظهر علي حساب الاخريين ، هناك ستجد كل نسيج المجتمع بإختلاف مناطقهم وتربيتهم فى مكان واحد ، ولكن الذي رأيته كقاعدة تقريباً هو معاملة المستجد دائماً كنوع من الفرصة لإثبات اهميتك  خاصةُ من يقضون فترة الخدمة جنود ثلاث سنوات وسنتين لمن يقضونها فى سنة واحدة  ، وحتي ظباط الصف ستجد الكثير منهم الا من رحم ربي علي هذا النحو ، لماذا ؟ ببساطة انها عقدة النقص !
الجندي الذي يقضي عاماً واحداً فقط فى الجيش ثم يخرج يُرٌى كأنه عابر سبيل ، وانهم رجال افضل منه ، وليس لانك قد تخرجت من جامعات فهذا يعني انك افضل منا نحن ! ، سيجعلونك تشعر بقصد او دون قصد انك هنا مجرد مستجد وستظل كذلك
الي ان تنتهي فترة خدمتك ستظل ايضاً في اعينهم  مستجد ! ، سيرونك لست رجلاً بما فيه الكفاية مثلهم ، هم من تحملوا الدنيا واعبائها من الصغر ، هم من توقف الاهل عن الانفاق عليهم منذ وقت طويل ، تفكيرك ايها المستجد هنا احتفظ به لنفسك ، لا تفكر من الاساس ، لا تعترض ، لا تحلل اى موقف ، لا تري اين الصواب واين الخطأ ، فقط نفذ ما تؤمر به فى صمت !
وان لم يعجبك فهناك القاعدة التي تقف متردداً عندها وهي ( نفذ وبعدين اتظلم ) في الغالب نفعل الجزء الأول منها اما الجزء الاخر فمصيره طي التجاهل وطي النسيان وذلك منعاً لإثارة المشاكل ولفت الانتباه عليك

الحقيقة تقال ليس جميعهم كذلك ، ولكن الاكثرية علي نفس هذا الشكل ، خصوصاُ ضباط الصف ، وليست مصادفة انك ستسمع مقولات من بعضهم اثناء خطاباتهم العنترية فى الطابور انهم اساطير فى الجيش وقد خدموا وفعلوا حينما كنت انك مجرد نطفة
 فى بطن امك ! ، مازلت اتذكر كيف اننا رجال من المفترض اننا متعلمون ومثقفون نقف امام شخص ما رتبته عريف مازلت لحيته بيضاء لم تخرج منها شعرة واحدة ويقوم بتكديرنا لاننا فقط لسنا علي هواه ! ، وكنا ننظر اليهم كنفوس مريضة يجب تحملها خلال تلك الفترة وكنت تتمني لو رأيته فى الحياة المدنية بعد ذلك ، كان البعض يحلم بهذا الموقف ليتمكن من قول لا باعلي صوت لديه دون ان يترتب علي ذلك أرونيك ذنب او حكم بعصيان أمر !

الجيش شيء سيعلمك الحياة حرفياً ، بحلوها ومرّها ، ستتعرف علي من تريد ان يصير صديقك الي الابد ، وستعرف ايضاً شخصيات ستتعلم تجنب مثلها في حياتك بعد ذلك ، ولكن الأكيد انك ستعلم معني القوة المطلقة عندما تقع في يد انسان ماذا تفعل به ، في تلك اللحظة يظهر معدن الانسان بشكل جلي وواضح ، الدرس الاخر هو انك لا تدع احد مهما كان يمارس علي حياتك تلك القوة مطلقاً ، اياك !

صورة ذات صلة

27 نوفمبر 2019

الأخوّة في الحرب

Tae Guk Gi: The Brotherhood of War 2004
فيلم كوري تم إخراجه عام 2004 ، يحكي عن الحرب الكورية التي وقعت في بداية الخمسينات من القرن الماضي ، حيث النزاع بين كوريا الشمالية والتي كانت تنتهج الشيوعية مع روسيا وكوريا الجنوبية التي تنتهج الديمقراطية بجانبها الولايات المتحدة
بدء الامر بغزو كوريا الشمالية علي كوريا الجنوبية ، بعد الحرب العالمية الثانية نشبت قوتان في العالم يضاهيان بعضهما البعض ودارت بينهم حرب تدعي الحرب البادرة ، ايهم سيتمكن من السيطرة علي العالم ، الاتحاد السوفيتي ام الولايات المتحدة
لم تكن الحرب بين شمال وجنوب دولة واحدة انما صراع عالمي ربما كان سيجري من وراءه حرب عالمية ثالثة !
 حينئذ قامت كوريا الجنوبية بتجنيد كل من يصل عمره بين الثمانية عشرة الي ثلاثين عاماً حتي يتمكنوا من الدفاع عن ارضهم ، ولكن الامر كان شبه عشوائي فقد اُخِذ اخوين كوريين مع بعضهم الي الحرب ( جين تاي - جيين سوك )  دون النظر الي من سيقوم برعاية الاهل في غيابهم ، وبدء الفيلم حيث المعارك والقتل والوحشية وبطولات الأخ جين تاي ليتمكن مع إعادة اخيه الاخر جين سوك  للوطن وتجبنه الحرب وفي سعيه لتحقيق ذلك تحدث أمور عدة
وتقلبات شديدة في الحرب وبين الاخوين ايضاً

في الحقيقة عندما تشاهد الفيلم لنهايته ستبكي كما بكيت ، هي من افضل الأفلام الحربية والتي ليست تتضمن معارك وحسب
بل سيأخذك الفيلم الي ابعاد إنسانية اخري تجعلك كما لو كنت تحارب شخصياً وتتفاعل مع ما يحدث بقلبك وليس بعينك فقط
ليست حرباً بالاسلحة فحسب ، هي اكبر من ذلك بكثير
ربما لم اعطي للفيلم حقه من الكلام ولكن ساترك من يشاهده ليحكم بنفسه وليري تحفة فنية مرسومة بالاثارة والدراما والعاطفة والإنسانية معاً في عمل واحد
فيلم رائع انصح بمشاهدته ، من الأفلام القليلة التي تخلد في الذاكرة كعمل فني رائع ..  




24 نوفمبر 2019

داخل الكتيبة - مذكرات




حالة الجيش فى السلم  معاكسة تماماً لحالته فى الحرب ، دائماً لابد من وجود شعور سائد بالخطر والاستعداد من اجله
والا اذا تراخي الجنود فستحدث مصادمات عديدة ومشكلات من اهمها فى راي هو ذلك الشعور الغير محبب عندما تكون داخل كتيبة ، جل ما تفعله فيها هو تنفيذ اوامر تراها فى مجملها ليست هي التي ستؤدي للانتصار فى حرب او تعزيز روح القتال مثلا ، فى حالة الحرب يكون الجندي مطيعاً لاي امر ايا كان لان فى حسبانه ان ذلك الامر اذا تمت مخالفته او التباطؤ فى تنفيده سيؤدي الي كارثة علي باقي الافراد فى الكتيبة ، بينما فى حالة السلم اذا تباطئت فى تنفيذ امر ما فاقصي ما سيحدث هو انزعاج من اعطي الامر ، لذلك احياناً كثيرة عندما كنا نكلف بعمل ما فنقوم بعمله ولكن ليس بالسرعة المطلوبة
وذلك لعلمنا مسبقاً ان حينما تنتهي سيتم تكليفك بعمل اضافي اخر وهذا ما لم نكن نتحمله .

للاسف الشديد الجيوش فى حالة السلم ، خاصة عندما تكون وظيفة الكتيبة ميدانية اكثر فإنها تفقد عنصراً مهماً فى وجودها
وهو التدريب اليومي الذي يجعلك دائماُ فى حالة استعداد ، لم نكن مشاة وفي نفس الوقت مدفعية ، بل استطلاع مدفعية
وحتي الان كما قلت سابقاً لم اكن ادري ماذا من واجبي ان افعل بالظبط ؟! ، كانت معداتنا يعتبر خفيفة ومحفوظة فى المستودعات بشكل دائم ، لا تخرج الا قليلاً جداً ، وربما لم تأتي الفرصة ابداً ليقم ظابط او ظابط صف بتعلمنا كيفية استخدام تلك المعدات ، لذلك كنت اري دائما اننا فى الكتيبة اقرب الي المشاة ، كنت اري الدبابات والمدرعات فى الكتائب المجاورة
وكانت احدي امنياتي ان اكون في احداهم ، بالطبع صيانتها وتنظيفها مهلكة للبدن ولكن كنت اشعر بمتعة عند تخيلي فيها
علي الاقل لن اكون مجرد عسكري يقف خدمة طوال اليوم ممسكاً بسلاح ليس به رصاصة واحدة علي مكان متأكد جداً من عدم وجود اي شخص يجرؤ علي التقرب منه من مسافة حتي ، ستسأل لماذا ؟ الجواب بسيط جداً  لاننا فى صحراء !

كتيبتي بداخل قيادة الفرقة وفي العمق وليست علي الطريق ، هناك لواء بجانب الطرق كان مدرع وتابع لتلك الفرقة ثم البوابة التي يقوم بحراستها كلاً من افراد الامن والشرطة العسكرية ، وذلك بالطبع غير هؤلاء الذين يجوبون الطرق ليلاً ونقاط المراقبة اي ان ببساطة اذا قررت نملة ان تجازف بدخول تلك المعسكرات فستكون قد جنت علي اهلها  براقش !
ثم لماذا الوقوف خدمة بسلاح ليس به ذخيرة ، افتراض مثلاً ( مثلا يعني ) جاء عدو ماذا يفترض بي فعله حينئذ
ثم اذا كنت غير مؤهل للوقوف خدمة بذخيرة لماذا اذاً نقف خدمة من الاساس ؟!  سأجيب عن ذلك ايضاً ولكن لا اعلم اذا كانت اجابتي ستكون مقنعة ام لا فى الحقيقة ، احياناً تحدث حالة انتحار او اخطاء ينتج عنها ربما ضغط نفسي لدي الجندي
وهذا ربما يحدث بنسبة قليلة جداً فى الواقع لان خلال الخدمة سوف تعتاد تلك الحياة ولكن ايضاً ربما الجندي قد ذاق الويلات ممن هم اعلي رتبه منه ولم يتحصل علي اجازة منذ وقت طويل فتصيبه تلك الحالة .. ربما ، والسبب الاخر هو شعور الجندي اثناء الخدمة بالملل فيضطر لتجربة السلاح الذي فى يده من باب ملئ ذلك الفراغ وبسبب عدم الخبرة
 او النسيان يقوم بإطلاق رصاصة طائشة قد تحدث مشكلة عظيمة حينئذ ، شخصياً كنت افعل ذلك ، كنت اود ان اجرب شعور الجندي عندما يتم وضع السلاح فى حالة الاطلاق ، بالطبع فى عدم وجود اي ذخيرة ، وعندما جاءت الاوامر فيما بعد لاحقاً بضرورة تعزيز جندي الخدمة بالذخيرة الحية ، همّت يدي لفعل ذلك ولكني امنتعت واعطيت امراً صارماً لنفسي الا افعل ذلك مرة اخري ابداً ، كنا نفعل ذلك فقط عندما تقوم بتسليم السلاح لفرد الخدمة الذي يليك وذلك للتأكد من استلام كل شئ كاملاً  لان اذا تسلمت الخدمة وهناك شئ ولو صغير ناقص ستسأل عنه انت وليس من سبقك بالخدمة ، وهذا والله اعلم

المختصر المفيد ايها السادة ، ان بدون تدريب واضح المسار او وظيفة تملئ وقتك داخل الجيش فستصبح كمن خرج فى رحلة الي صحراء وتاه وسط الرمال ، تقوم بعمل ما يطلب منك ليس لان ما يطلب ذو اهمية فى نظرك بل لكي يمضي وقتك بسلام دون ازعاج من احد ، ستصبح ايامك عد تنازلي للاجازة القادمة ولانتهاء فترة الخدمة لديك بشكل عام
سيصبح طابور الصباح والصفا والانتباه نوع من الروتين الملل يومياً ، اوقات الخدمة هي اوقات عذاب ليس بدنياً بل لقلة الراحة فيها والملل والفراغ الذي تشعر به اذا كنت فى مكان ضرورة الخدمة فيه من باب القوانين العسكرية المفروضة علي كل وحدة فى الجيش والتي فى حالة مشروع الحرب يتقلص عدد جنود الخدمة ليصبح ربما فرد او فردين حياتهما داخل الكتيبة عبارة عن تبادل فترات الخدمة بينهم فقط ! ، هذا بشكل عام اما يحدث بين الجنود بعضهم البعض
 فربما الحديث عنه لاحقاً ... 


               ØµÙˆØ±Ø© ذات صلة

11 نوفمبر 2019

عنوان حياتي

عند الغروب، كثيرا ما تأتي، لا تتكلم ولكني أشعر، نعم مازلت أشعر بها في جميع أوقاتي، مازالت تحتل تفكيري، احاول ان اجعل عقلي يذهب لأماكن أخرى، أبدوا غارقا في العمل، ولكن في الحقيقة غارق بك
بعد الشروق بقليل استيقظ، استعد للعمل وقبيل الخروج أيضا افكر فيك، لا أعلم لما لا يكف عقلي، لقد صار روتين يومي
حتى انني اتحدى نفسي  الا افكر مطلقا في اي شئ، لأنني اذا أطلقت العنان سيكون التفكير عنك
نعم، مازلت تحتل تفكيري، ولا ادري سبيلا للخروج من تلك الورطة، أشعر طوال الوقت بالرغم من كل محاولاتي
ان كل شئ بلا روح وان ما يعيد روحي لي فقط تلك اللحظات التي استعيد بها ذكراك، انا بائس جدا يا صغيرتي
لا أقوى على نسيانك بالرغم من أن ذلك يبدو كمن يرى خنجرا في ظهره طوال الوقت، ابحث عن كل شئ وفي الاخير يتملكني احساس ان العالم اجمع اذا اتي أمامي فلن يكون بمقدار كلمة كنت تقوليها لي يوما
يبدو أن ذلك البؤس سيكون دائما  عنوانا لحياتي.. 

نتيجة بحث الصور عن ‪ lost human painting‬‏

10 نوفمبر 2019

نانسي 4 " الفخ "


طبيعة المنطقة التي اعيش فيها ريفية ، مساحات شاسعة من الاراضي الخضراء وبيوت بسيطة واماكن هادئة ليلاً
 وحتي نهاراً  ، هم يتمركزون فى منطقة بجانب بعضهم البعض وغالباً ما تكون علي طرق تكون نهايتها رؤوس
 المدينة ، الناس بسطاء للغاية ، حيوانات اخري كثيرة تشاركنا الحياة هنا ، علاقتهم بالبشر علاقة عمل اكثر من كونها اُلفه ، يعلمون بالتعود ماذا سيفعلون منذ بداية اليوم حتي نهايته ، خاصة ذلك الحيوان الذي يدعي " الحمار " مغلوب علي امره دائماً وكان من الصعب الا تجده حينما تذهب الناس صباحاً علي تلك الاراضي الخضراء الشاسعة التي قد لا تري نهايةً لها علي مد البصر ، يركبونه ويجعلونه يحمل ما لا يطيق واذا لم يقم بالتنفيذ ينهالون عليه ضرباً بالسواط حتي يتحرك ويفعل ما يؤمر به ، ذلك الحيوان بالرغم من كل ذلك له قيمة عالية للغاية ومتوفر له الكثير من العناية سواء فى المبيت او فى الطعام ، ومن هنا كانت اولي افكاري عن البشر انهم لا يقتربون من حيواناً الا بغرض مصلحة ما وانه غالباً سيعاني كثيراً معهم ، وويلاً لمن لا ينفذ كلامهم او لا يعجبهم ، واذا كنت مريضاً ولا يعرفون كيف يعالجونك فمصيرك الذبح ! ، لذلك لم اكن احب مرافقة بشري ابداً خلال ذلك الوقت خصوصاُ هؤلاء الناس والذي يبدوا انهم يعانون فى حياتهم من الاساس فكيف سيبحثون علي راحتك وهم انفسهم غير مرتاحين .

ما علينا ، دعنا نركز علي صاحبنا ، انا اراقب كل شئ معظم الوقت ، اذهب الي سطوح احدي البيوت المقابله لذلك الكلب ، تحت اشعة الشمس الدافئة اقوم بتنظيف نفسي واخذ قيلولتي المفضلة الي ان تكون الشمس فى كبد السماء وتزداد حرارة الجو ،  وفي تلك الفترة كان صاحبنا فى الغالب راقداً امام البيت  ، ولكني لاحظت ان هناك بعض المرات التي يتم فيها فك وثاقه ويتحرك مع صاحبه ، احياناً يفقد صاحبه السيطره عليه عندما يجد طعاماً او يري فريسه وضع تحت جمله يري فريسه مائة خط ، لان ذلك هو الفخ !
انتظرت اليوم المناسب ، امي كانت بعيده الي حد ما فى القريه المجاورة واخوتي كانوا نائمين وذلك بعد عملياتنا الصباحية التي صارت روتين يومي باصطياد الفئران ، بحكم الخبرة امي كانت ترشدنا فقط للمكان وتنتظر فى الخارج  نقوم نحن بالدخول والبحث والاصطياد ، نراقب جيداً ، نتحرك بحذر ، نستمع بحرص بالغ ، ونشم ببراعة منقطة النظير  بالنسبة لي انا اقوم بإتباع المثل القائل فى التأني السلامة والعجلة الندامة ، مشكلتنا فى الاصطياد دائماً اننا لا نستيطع التركيز علي شيئان فى وقت واحد ، لذلك قبل القفز علي الفريسة ادرس المكان جيداً من حيث ضمان عدم وجود عائق لي  او مهرب للفئران ، وهكذا اقوم بالاصطياد وانا مطمئنة ، حين يراني الفأر يقف مزعوراً ويشل تفكيره ، ثم لغباءه المعتاد يتحرك بهستريا وهنا تأتي امتع اللحظات ، يصبح جزء من الثانية هو الفارق بين حياته وموته ، اخوتي ليسوا بنفس البراعة ولم اجهد نفسي بمرافقتهم لانهم احياناً تحركاتهم تلفت انتباه الفريسة وتجعلهم يهربون سريعاً ، خاصة وان ليس الفئران فقط هم فرائسنا الوحيده بل هناك ماهم اسرع منهم ولديهم قرون استشعار ، اقل حركة قد حتي لا ينتبه لها شخص عادي هم يشعرون بها .
بعد ذلك بعد ان تخرج الناس وتصبح البيوت شبه فارغة اذهب الي ذلك السطوح ، كان هناك ورشة بالقرب من البيت الذي يحرسه صاحبنا علي الدوام ، لا ادري تخصصها بالظبط ، احياناً تقوم بتصليح بوابات واحياناً سيارات واحيانا اخري تقوم بصناعة بعض الاشياء الاخري التي يستخدمها البشر للطهو وخلافه ، المهم ان تلك الورشة صاحبها لا يحب الكلاب ابداً وقد رأيت ذلك فى كل مرة يقترب فيها اي حيوان ولاحظت ان الكلاب بشكل خاص يقوم بنهرهم بشدة
بينما نحن القطط لا نمثل تهديداً له الا فقط عندما نقوم باللعب فى الاجهزة او الاشياء الخاصة بالعمل له حسب قوله ، لاننا في الحقيقة لا نلعب بل نستكشف ، وذلك يتطلب ان نقترب ونشمشم ونشعر ونسمع ، وهو لا يطيق اصلا ان يلمس اي احد اي شئ في ورشته الخاصة ، لذلك حين تريد ان تكسب الود منه فعليك بالابتعاد عن تلك الاشياء  ، حسناً ذلك ما فعلت ، قضيت اياماً ذهاباً واياباً لديه حتي صار وجودي لا يمثل مشكله لديه وتأكدت انه لن يقوم بإيذائي عندما اكون معه ، بل احياناً بعد الغذاء يقوم برمي بقايا الطعام لي ، ورغم انني لم اكن احب ذلك الطعام كثيراً الا انني اصطنعت الاهتمام والاكل بنهم حتي يظن انني اذهب اليه لذلك الامر وحتي لا يشعر ابدا انني مصدر تهديد بل قطة اليفة مسكينة تبحث عن طعام ،  اذا فالخطوة الاولي قد نجحت

اما الخطوة الثانية كانت استدارج ذلك الفتي المدلل صاحبنا ، اثناء فك وثاقه قمت بالنزول من علي السطح وظهرت له وحالما تذكرني   كشر عن انيابه ، قمت بالسير بهدوء بشكل مستفز له وكان بيني وبينه طريق يمر عليه السيارات وكنت علي استعداد فى اي وقت للركض بعيداً اذا افلت من يد صاحبه ، بقيت قليلاً علي هدءت حركة السيارات ثم اختفيت وصبحت وراءه حتي صار علي مقربه من الورشة وهناك قمت بالظهور مرة اخري بشكل اكثر استفزازاً من المرة الاولي ، حتي انني تجرأت وقمت بالمواء الشديد عليه كند للند ، وفي تلك اللحظة طفح الكيل منه وصار ينبح بشده وافلت من يد صاحبه وقام بالركض خلفي ، قمت علي الفور بالتوجه الي الورشة وكان ذلك ساعة العصر حيث لم يكن العمل كثيراً هناك مما جعل صاحبنا يتجرأ ويدخل ورائي الي الورشة وحينئذ ظهر صاحب الورشة وهو منفعل بشدة من الفوضي التي عمت المكان فقام برمي اداة من الحديد يطلقون عليها شاكوش وكانت ساخنة من كثرة الطرق بها علي الحديد ، هم صاحبنا بالركض بعيداً بعد تلك الصدمة وهو يعوي بشدة من الالم ، فقمت بالظهور له مجدداً علي قارعة الطريق ، وكان ذلك متزامناً مع وجود سيارة كانت معروفة فى القرية بأنها تنشر دخاناً كثيفاً ولكنه ليس دخان
بل كان شئ اشبه بالمبيد الحشري ، فأصبح الجو ضبابياً فاسرعت فى عبور الطريق وبحركة سريعة قمت بضربه علي اذنيه بحوافري وقفزت من عليه باقدامي الاخري علي سلم احد البيوت الذي كان عالياً يصل الي الدور الثاني مباشرة وهناك قفزت مرة اخري علي البلكونة وحدث هذا كله وهو يعوي بشدة ويبحث فى كل مكان حوله عني وعندما وصلت الي البلكونة قمت بالمواء له بسخرية فظل ينبح ويعوي حتي اتاه صاحبه وضربه هو الاخر وسحبه معه الي البيت مرة اخري بعد ان وجد عتاباً من الجيران علي تلك الفوضي التي احدثها ذلك الكلب ، وكانت تلك اول مناورة افعلها فى حياتي وكنت مسرورة للغاية لانني قد نجحت دون خسائر ولكني لم اكن اعلم انها ستكلف حياة احد اخوتي فيما بعد ! . 



صورة










8 نوفمبر 2019

جزيرة مالاوان " الكافتيريا "

صورة ذات صلة

دخل الملاواني الي الكافتيريا مع ضيفه الذي ذهب مباشرة الي طاولة الساقي ولكن  الملاواني ابعده عنها واختار الجلوس علي طاولة نائية وبادر بالكلام دون حتي ان يطلب شيئاً وقال " حسناً ، مما رأيناه ان رئيس الجمهورية عندما يتولى ذلك المنصب هو بحاجه لشيئين ، اولاً الاستقرار وثانياً رضا الشعب
 
 كان الاستقرار لضمان الا يقام انقلاباً ما عليه يؤدي به الي السجن او مفارقة الحياة او النفي ، ورضا الشعب حتي لا تخرج ثورة عليه وتطالبه بالتنحي مما يؤدي به ايضاً الي السجن او النفي او ان يصير مكروهاُ بين الناس  وانت تعلم ماذا يعني ان يكرهك الناس في بلاد كهذه سيجعلون حياتك جحيماً بالمعني الحرفي  ! وحتي يضمن الا يحدث ذلك مطلقاً كان عليه ان يختار بين الطريق السهل والطريق الصعب ، كان الطريق السهل عبارة عن ضمان ولاء الجيش بحيث لا يحدث انقلاباً  وان يقمع الشعب حتي لا يخرج صوتاُ واحداً يقوي ان يعارض  صوت فقط وليس خروج للميادين حتي ، لأنه لن ينتظر الي ان تخرج الناس  ، هو يقمع من المصدر   وذلك بالطبع يتضمن ان يعطي للشرطة والجيش امتيازات عديدة تجعلهم راضيين عن الوضع وناكرين باقي الأمور وحتي لا يظهر كـ ديكتاتور امام بقية العالم  فهو يقوم ببعض الاشياء الأخري ، منها مثلأ  انه  كان دوماً يوجه الاعلام نحو ذكر محاسنه فقط وعدم ذكر المساوئ وان لم يكن هناك محاسن فيقوم برميّ مسؤولية تلك المساوئ الي شخص آخر  وذلك علي عبر الاعلام المقروء والمريء والمسموع  ، الشيء الاخر هو صناعة انجازات حتي لو لم تكن فعلياً انجازات ولكن يتم تصويرها وترويجها علي انها كذلك وتستخدم كدرع امام أي معارض يقول ان البلاد لم يتم فيها اي نجاح بعد "
ثم سكت عن الكلام قليلاً واخذ يفكر فبادره الضيف  بالسؤال " ها ؟  هل انتهيت ؟
 فأجاب  " لا هناك  شئ اخر متبقي

فقام الضيف بالرد " وما هو يا تري ؟ "  فأجاب الملاواني وكأنه كشف سر عظيم للتو  قائلاً  " صناعة عدو ! " ولكن قبل ان يتكلم طلب الضيف ان يشرب شيئاً حتي يستطيع ان يبتلع الكلام الذي يسمعه بلا توقف ، لم يبال الملاواني كثيراً واسترسل في الكلام مندفعاً  " صناعة العدو يا صديقي منذ قديم الازل ، الناس فقط لا تقراً ،  هي باختصار  وسيلة تجعل الشعوب تتغاضي عن ماهو سئ فى حياتها ومجتمعها لان هناك عدو اخر سيجعل حياتهم اسؤأ ، اذا لابد ان يتحملوا كل شئ فى سبيل محاربته ، حتي وان كنت فقيراً جائعاً مريضاً وعلي مشارف الموت ، هكذا كان يتم تصوير الموضوع للمواطن الملاواني دائماً ، وان الدولة تتحمل عبء دحر هذا العدو والذي يستنزف جميع مواردها فى سبيل ان تجعلك آمناً فى بيتك ، ولكن مع استمرار ذلك سنوات ادرك البعض ان ما يحدث هو ان هذا العدو ليس له وجود فعلياً ، وحتي وان وٌجد فهو لا يستحق كل هذه الدعاية عليه ، وانه يمكن ان يتوفر كل شئ للمواطن دون الحاجه لاستنزاف الموارد لأجل قضية كتلك ،  وكانت الريب في  انك ستجد ان هذا العدو لا ينتهي ابداً  وليس له وصف محدد بالرغم من الحكايات والبطولات والمآسي التي ذكرت حوله ، تراه دائماً فى الاعلام ووراء كل مسئول بداية من رئيس الجمهورية حتي مدير لشركة قطاع عام صغيرة وذلك فقط لكي يزيل من علي عاتقه مسؤولية اي قصور يحدث 



6 نوفمبر 2019

جزيرة مالاوان " الشاطئ "


صورة ذات صلة

هناك علي شاطئ جزيرة مالاوان  جلس المواطن الملاواني مع صديقه المقرب وسط الرمال محاولين تفادي الكلام عن اي شيء
 كان قد حل  صديقه ضيفاً عليه من بلاد اخري ، جاء فقط للاستمتاع بوقته ولكنه لمعرفتهم الطويلة ببعضهم كان يعلم  الضيف
ان صديقنا لن يصمت حتي ينهي ما بداخله  ولأنه يعلم انه اذا بدء الكلام سوف يتكلم عما يشغل عقول الشعب الملاواني  الان
 من اختيار رئيساً جديداً يتولى مهام الجزيرة  ، نظر هذان الصديقان لبعضهما البعض  ثم افتتح  الملاواني الكلام قائلاً  " اتعرف " ؟
فأغمض الضيف عينيه مع حركة ضم الشفتان  فى محاولة بائسة تعني انه يعلم عن ماذا سيتكلم ولكنه لا يملك المقدرة
علي ايقاف صديقه مما سيقوله  لذلك اضطر الي الاستماع اليه  ، حينها أكمل الملاواني  قائلاً للضيف 
 " عندما تصبح رئيساً لجمهورية ما ، فأنت مطالب باشياء كثيرة ناهيك عن انك تمثل تلك الجزيرة التي يقدّر الناس بها بالملايين
 فى شخص واحد ، ذلك الشخص مثلاً هو انت ، المفترض ان هؤلاء الناس قد اجتمعوا علي تعيينك لهم رئيساً او اغلبيتهم
حتي نكن منصفين ..  اليس كذلك ؟  فأومئ الضيف رأسه موافقاً ثم اكمل الملاواني
 " اذا انت الان اعلي سلطة ونفوذ فى الجزيرة ، وتمثل للشعب اللسان والشخصية والعقل المدبر لهم فى شئون جزيرتهم
 التي يسكنون فيها ، وقبل ان تصير رئيساً فانت من المفترض انك قد قدمت برنامجاً عليك تنفيذه فى حال اصبحت رئيس
 وهذا البرنامج يعتبر اتفاق بينك وبين الناس علي كيفية ادارة شئونهم  وعندما تقرر شيئاً ما او تحل معضلة ما اصابت تلك الجزيرة
 وذلك القرار او الحل سوف يمس بمصالح الناس  هنا فانت مجبر كرئيس ان تترك الشعب يختار وذلك من خلال مجلس انتخبه الشعب
مكوّن من اعضاء كل عضو ممثل عن دائرة ما تجمع العديد من الناس ، وهؤلاء الاعضاء بدورهم هم الاقرب للناس ويتعاملون معهم
 بشكل مباشر ويعلمون ماذا يريدون بالتحديد وتبدأ المناقشة واعطاء الموافقة علي القرارات او الرفض مع ايضاح الاسباب
 اليس كذلك ؟؟؟  فأومئ الضيف رأسه مرة آخري ولكن هذه المرة بسخرية  وقال "  اشكرك علي تلك المعلومات القيمة ! "
فأجاب الملاواني  بشعور من الحسرة " نعم  اعلم انها بديهيات الان وهذا ما تعلمناه يا صديقي  ولكن ككل شئ فى الحياة
هناك جانب نظري وجانب عملي وهما من المفترض ايضاً انهما متطابقين او مكملين لبعضهم البعض ، ولكنه ليس للاسف
فى مجتمع الجزيرة ،  خاصة وانك تشعر بانهم منفصلين تماماً وتراهم كأنهم مصابين بإنفصام فى الشخصية
  الجانب النظري كان ما سبق من الكلام  اما الجانب العملي فهو ما سبق  ايضاً ولكنه حدث بالفعل  "
هنا ظهرت علامات الدهشة علي الضيف من كلمات الملاواني الأخيرة  وهمَ بالسؤال  قائلاً "ماذا حدث اذا " ؟
ولكن قبل ان يتكلم الملاواني  صاح به الضيف وهو يقف استعداداً للمغادرة وقال له
 " دعنا  اولاً نكمل الحديث في مكان آخر فالطقس  هنا اصبح حاراً "
فوافق الملاواني وذهبا الي الكافتيريا المجاورة للشاطئ ليكملا الحديث .... 


2 نوفمبر 2019

نانسي 3 " البلطجي "


هناك فِئتين من الكائنات اما كائنات أليفة او كائنات متوحشة ولكننا مزيج بين الاثنين ، طبيعتنا أليفة ولكن اذا تعديت حدودك معنا
 ستتحول الجينات الاليفة تلك الي متوحشة  نابعةَ من جينات النمور التي هي اصل فصائلنا جميعاً ، وعلي عكس ذلك اري الكلاب تماماً
 انهم متوحشون من الاساس ولكن حالات معينة هي التي تجعل منهم كائنات اليفة ، غالباً نحن والكلاب لا يمكننا الاتفاق علي شئ
 لا نجتمع فى مكان واحد ، حتي ان كان ذلك الكلب طيباً ومسكيناً فـ جُل ما سنفعله معه هو تجنبه واظهار اللامبالاه ناحيته ويكفينا فخراً
ان البشر اذا ارادوا مديح احد فسيطلقون عليه " قط " بينما اذا ارادوا ذم احدهم فسينادونه  بالـ " كلب " ، احياناً البشر يفهمون
 ليس جميعهم حمقي !

رأيتهم من بعيد ، دائما ما يطلقون السنتهم خارج افواههم ويسيل اللعاب منها ، دائماً نائمون والكثير منهم علي رقبتهم حبل او جنزير
من الواضح انهم خطر فعلاً وليس علينا فقط ، ناهيك عن نباحهم المزعج الذي ليس فيه اية ايقاع ،  شئ منفر ومستفز يملئ الهواء
 ضجيجاً وكل هذا لاجل ماذا ؟ عظام ترمي اليهم ، يا للحقارة ! ، هل تراهم شجعان ؟ نعم بعض من البشر يخافون منهم ويهابونهم
ولكن اذا انقلب هذا البشري وواجه الكلب ، سيتوقف الكلب وتمحي سيطرته علي الموقف وسيبدأ بالتراجع امام المقاومة اي انهم جبناء
 فى الاصل ، ولكن لاكون منصفاً هم لديهم شئ افضل فيه منا ولا ابالي به الصراحة وهو الوفاء للبشر ، اتري ؟ ليس شيئاً مهماً
 ماذا يعني ان تظل وفياُ للبشر ؟ هل ستأخذ جائزة فى نهاية المطاف مثلا ؟ ام سيتم ترقيتك ويعاملونك مثلهم !
عزيزي الحيوان ، البشر مجرد كائن معنا فى الكوكب ، نحن هنا قبله بفترات طويلة للغاية ، اى هم الضيوف وليسوا نحن
واظن ان كماليتهم تلك وعقولهم وحريتهم لمساعدة انفسهم ومساعدتنا وليس للتحكم بنا وبكل شئ ! ، مع احترامي الشديد
هم لا يستطعون سماع موجات الزلازل او رؤية الظلام ، هم قاصرون فى اشياء نحن متفوقون فيها عليهم كثيراً  اذا قل لي
لماذا من الواجب عليّ ان اظل وافية لاي منهم ؟!

الان اصبحنا ثلاثة قطط ، نمت الحواس لدينا سريعاً ، نستطيع ان نركض الان ونسمع ونشم ونري بشكل افضل ، يمكنني ان اذهب
لآتي بالطعام بنفسي دون اللجوء لأحد ، كانت الام تأتي لنا بالطعام احتياطياً ، تذهب معنا احيانا اذا خرجنا الي اى مكان جديد
او عندما لا تسطيع مراقبتنا منه ، تعلمت منها المناورة والاختباء اذا شعرت باي تهديد ، لا تفكرين مرتين يا صغيرتي ، ولا تتوقفي
لكي تستطلعي ما يحدث  ، يمكنك فعل كل شئ لاحقاً ولكن فى تلك اللحظة عليك بالهرب ، القفز دون خوف ، السرعة مطلوبة ، غالباً
انتي اسرع من كل اعدائك ، فاعتمدي علي نقاط قوتك اولاً ، وعندما يذهب الخطر يمكنك بعد ذلك من ادراك ما تشائين
 ولا تذهبي مباشرة لاي شئ لا تعرفينه  ، النصيحة الاخيرة بالطبع قد تعملتها بالتجربة من حادثة اخي !  ، لا تندفع الي اى شئ
لست متمكناً منه تماماً ، لدينا روح واحدة فقط ، لا اعلم لماذا البشر يقولون سبعة ! ، اعتقد انها قد تكون كناية عن اسلوبنا فى النجاة
 من اي ورطة نقع فيها ، فى الوقت الذي تشعر فيه باليأس من النجاة يٌضاء فى راسك فكرة قد تستغرق ثانية للتنفيذ ولسنا نحتاج
 لاكثر من ذلك وذلك ما حدث مع ذلك البلطجي المدعو " ميشو "

لا اعلم من اين يطلقون عليهم تلك الاسماء ! ، هي تناسبهم فعلاً ، هل رأيت كلباً قد يسمي باسم بشري ؟ صعب للغاية
المهم انني كنت اراقبه من بعيد وذات مرة لاحظ وجودي ، خرج منه فوراً ذلك الايقاع المنفر المستفز ، اكتفي بذلك الحقيقة فى اول مرة
 قد يكون رآني صغيرة وضعيفة ولا استطيع ان اسُد بعضاً من جوعه ، فى المرة الثانية تقدم وفى تلك اللحظة تملكني الرعب فعلاً
وركضت بأقصي سرعتي وكان ورائي الي ان فجأة توقف ، عندما نظرت للوراء وجدت علي رقبته حبلاً قد اتمد لنهايته فى ذلك المكان
 اي انه كلب حراسه ليس الا ، اثار فضولي كثيراً ان افعلها مرة اخري ولكن تلك المرة سأعلم بالتحديد اين سأذهب
طالما انه مربوط بذلك الحبل فأنا فى مأمن ، ولكني فكرت قليلاً وقلت فى نفسي يجب ان تكون المرة القادمة درساً لا ينساه
عندما مررت مقابل المنزل الذي يرقد دائماُ امامه وجدته ممدداً ولكن عيناه كانت تنظران لي وعلي شفتاه ابتسامه نصر
وكأنه يقول " تشجعي وتعالي وسوف ترين ماذا سأفعل يا صغيرة !  "
   ولكنه لا يعلم انني قد احضرت له مقلباً سيعلم من هذه الصغيرة  بعدها !!  





30 أكتوبر 2019

نانسي 2 " حادثة القط الابيض "



عندما وًلدت  لم اكن اري او استوعب حتي اى شئ غير امرين  هم فقط كل ما كنت احتاج اليه خلال تلك الفترة
 حاسة الشم وحاسة اللمس ، كل منا له رائحة ولعل ذلك هو ما يميزنا عن بعضنا البعض وحتي يتأنى
 لكل هر " قط "  فينا ان يعرف طريقه عندما يجوع ويقم بالتوجه الي ثدي الام دون تدافع ونؤذي بعضنا البعض
 كانت الام توفر لنا الرضاعة والدفء
 وكانت تنظفنا بنفسها ، حيث لم تكن  حواسنا  او اداركنا لاي شئ قد نمى بعد
 كنا لا نعرف معني الخوف او الحذر كمثل اي طفل رضيع مازال يحبو اولي خطواته واكتشافه للعالم ، قد يضع يده
 علي اي شئ ملتهب دون ان يدري او يقع فى حفرة عميقة ، او يصطدم بأي شئ دون وعي ،  لذلك فقد كانت الام
تحتوينا طوال الوقت وفي نفس ذلك الوقت كانت تبحث عن الطعام لنفسها حتي تستطيع ارضاعنا بعد ذلك
 الا ان ذلك لم يكن كافيا ليبقي علي حياتنا جميعاً  !

كان قطاً ابيض ، لا اعلم من اين جاء ، هو كان سميناً للغاية فراءه سميك نسبياً و نظراته مخيفة وكان يصدر منه
مواء عدواني وكأننا اخذنا شئ منه ليس من حقنا  ، فور ما رأت الام ذلك القط اسرعت بحمل كل منا علي حدة
من رقبتنا من الاعلي وقد كانت خائفة للغاية ان يقترب منا او يمسنا بسوء ، ولكن كان اخي الصغير الوحيد
الذي لم تستطع الام ان تجلبه للداخل ،  فقد اقترب القط كثيراً وظلت واقفة الند للند معه ، لا يقوي احد علي خدش الاخر
 ورغم ذلك يصدرون لبعضهم مواءً مخيفاً وكأنهم يوجهون السباب لبعض البعض ، ظلّ أخوتي بالداخل مترقبين
عودة امي فى اي وقت ، وقد جاءت بالفعل ولكن كان في فمها اخي الذي كان متبقياً فى الخارج  وهو مبتل تماماً
 وفي حالة اعياء كامل وكان وقد رحل القط الابيض بعيداً جداً منذ فترة قصيرة ، ولكن مالذي حدث ؟!

اخي الصغير كان من النوع الفضولي للغاية ، أينعم جميعنا كذلك ولكنه كان اكثر منا بقليل ، قد تعتبرها شجاعة
ولكنه حتي كان لا يدرك معني تلك الكلمة بعد ، هو اراد ان يعبر الطريق ، طريق صغير عبارة عن مجري مياه بالنسبة للبشر
 تمت تغطيته وعمل ماسورة صغيرة بدلا منه فيما بعد وذلك حينما رأي ذلك الرجل تلك الحادثة مصادفةً وهو يدخن سيجارة
 من شرفة منزله ، اخي لم يتراجع ، ظل يمشي متعثراً بوجهه البرئ الذي يوحي بالتيه ذو العيون الواسعة المليئة
 بحب استطلاع كل شئ دون حذر ، اراد ان يشم وكانت تلك طريقتنا فى بداية معرفة اي شئ من خلال  الرائحة
 بمجرد ادراكها جيداً وستظل عالقة دائماً فى اذهاننا للتعرف عليها فيما بعد ، ادق التفاصيل المنبعثة من ذلك الشئ
لدينا القدرة علي معرفتها ، ولكنه كان صغيراً ولم يجرب المياة من قبل او بالاحري لم يكن يعرفها ، فالقطط لا تحب المياة
 ولا تحب الغوص فيها ، وهنا ادرك اخي معني الخوف حينما لم يستطع التعرف عليها او التعامل معها  ولسوء الحظ
 حدث له انزلاق فقد كانت التربه طينية واظافره  القصيرة لم تسعفه بالتعلق بحافة ذلك الطريق وما نخشاه قد وقع
 انزلق اخي ووقع فى المياة فى حالة ذعر ومواء شديد ، وجرفت به المياة بعيداً علي طول المجري
ولكن ذلك لم يكن اسؤأ ما حدث

مجري المياة كان ولابد ان تكون نهايته جرف ، جرف بسيط يمكن القفز من عليه بسهوله ولكن ذلك بالنسبة الي انسان
 او قطة مثل والدتي بلغت من العمر والمهارة ان تقفز من ادوار عليا دون ان يصيبها اذي ، ولكن بالنسبة لقط صغير
لم يتجاوز عمره شهراً بعد فذلك يعد انتحاراً ، لم يستطع اخي ان يظفر باي شئ يتعلق به ، جرفته المياة والحقت به
 سقوطاً مدوياً سمعت منه مواء مازال عالقاً فى ذاكرتي الي الان ، مواء ينبئ بعظام قد تحطمت !
اسرعت امي للحاق به فور ان انزلق فى المياة ، وكانت تعلم نهايته ، فتلك المنطقة عاشت فيها منذ فترة ،  صرخت بصغيرها
وقفزت الي السور المجاور وظلت تهرول فيه حتي وصلت لنهايته ومن ثم قفزت مرة اخري ولكن كان اخي قد سقط
 المصيبة لم تنتهي بعد ، فجأة ظهر من العدم جسداً عملاق  كنت اراه هكذا ، لم اعرف ماهيته
 لو كان ذلك القط الابيض عدوانياً فهو لا يقارن بما رأيت ! ، حيوان ما كشر عن انياب يسيل منها لعاب مٌقرف
 وصوت وحده كافياً ليدب الذعر فى محيط مساحته كيلومترات ، لماذا لم نسمع صوت له من قبل  ؟ لا ادري
  وكأنت ملامحه مزيج من السرور والغضب فى وقت واحد ، صار ينبح كثيراً وبدرجة جعلت امي مترددة فى حمل صغيرها
 فهي كانت مرتعبة للغاية وكلن غريزة الام جعلتها ثابته تحاول بأي طريقه ان تنجو وفي نفس الوقت انقاذ ذلك البرئ الصغير
فى تلك اللحظة كنت قد وصلت لهناك  باحثة عن امي واخي فأدار وجهه فجأة ناحيتي فأسرعت امي بحمل الصغير بغته
 وحينيذ ادار رأسه وجسده بالكامل ناحيتها مرة اخري بحركة سريعة وادركت انا وامي بالغريزة بعد التقاء اعيننا للحظة
من الزمن ان مجزرة ما ستحدث لنا هنا !

فى تلك اللحظة وجدت ذلك الرجل يركض وفي يده حجراً كبيراً يصوبه ناحية ذلك الحيوان المفترس وهو يلعن ويسب
ما لذ وطاب من الكلمات  ، هرب ذلك الحيوان بعيداً ومازال ينبح مما استفز الرجل اكثر فقام برمي حجراً اخر له
 اصابه تلك المرة فركض ذلك الحيوان بعيداً هذه المرة واخرس لسانه  ، فى غصون ذلك كانت امي تموء بشده علي صغيرها
 اخذت تشم وتستطلع ان كان مازال حياً ام لا ، حملته بفمها والحقت بها الي البيت ( تحت سلم المنزل )
 وجعلت تحركه تاره يمني وتارة يسري ولكنه لم يكن يتجاوب ، وفجأة وجدت ذلك الرجل قد أتي
وجلب معه طبق بلاستيكياً ملئ باللبن ، خشيت امي علينا فوقفت امامنا فى محاولة لصده عنا  وقد ادرك ذلك
وعندما رأي الصغير متمدداً علي جانب لا يتحرك تمتم ببعض الكلمات ثم التف صاعداً السلم مرة اخري

فى منتصف الليل ، توفي اخي ، بعد محاولات من امي لتدفئته وارضاعه ، ولكن كل ذلك لم يحسن من الوضع شيئاً
 حزنت امي عليه بشده وظلت تموء طوال الليل  مواءً لم اسمعه من قبل منها ، وحاولت ان اغفو بجانبها
وحينئذ تذكرت ذلك الحيوان المفترس فسألتها عنه ، ترددت فى الاجابة قليلاً ونظرت شاردة ناحية الباب وقالت
 " انه عدونا اللدود يا صغيرتي ، عدو يرانا كما نري هؤلاء الجرذان معدومي القيمة  " فسألتها
ومن هم الجزذان معدومي القيمة " وكانت تلك اول مرة اتعرف عليهم فيها فعادت  بوجهها واجابت ناظرة الينا جميعاً
 " غداً ستعلمون "   . 





29 أكتوبر 2019

قصة قصيرة جداً


 اليوم  تكتمل  الارض دورانها حول نفسها 29 خريفاً فى حياتي
 ورغم ذلك  فقد فقدت الشعور بذلك الدوران بعد رحيلها تماماً

نهاية القصة ...  

27 أكتوبر 2019

نانسي

احب الهدوء الشديد ، الهدوء الذي يجعلك تشعر بذرات الهواء المتطايرة حولك ولكن لان جنس البشر اوغاد بطبيعتهم فعندما تكون بمفردك فى تلك الحالة  ويغلب عليك طابع النوم ( ليس نوماً  فعلياً لانني لا انام مثلما هم يفعلون )  وفي اى مكان اتمدد فيه اجد ذلك التطفل والمباغتة  الغير مبرر  وتلك الضحكة الصفراء المشمئزة  منهم ، حقاً انهم اوغاد ، لماذا لا يتركوني وشأني ؟ لا ادري ، هذا ربما يكون عندهم شيئاً من المتعة !!
لهذا فقد اصبح الطابع الغالب عندما اراهم يصير بالركض بعيداً تفادياً لاي تصرف محتمل منهم وفي نهاية اليوم اذهب لتلك المنطقة الامنة  والتي لم يأت اليها احد منذ وقت طويل جداً وفي نهاية اليوم وهو بالنسبة لي ليس شرطاً عندما تغرب الشمس اذهب للنوم بعدما اتعلم ذلك الدرس القاسي والذي لا اتعلم منه ابداً  وهو عندما اقرر ان انام يستحسن الا يكون فى مناطق يدب فيها اقدام البشر  ، ولكن احياناً فى مرات قليلة فى الصباح اظل نائمة هناك ولا يزعجني احد وذلك بعدما اراهم مسرعين الي اعمالهم ،  بعدها يكون ذلك الوقت مناسب فعلاً  حيث اتمتع بحرارة الشمس قليلاً حتي اشعر بأن الاشعة صارت حارة اكثر  ثم اقوم بتنظيف نفسي جيداً وتبدأ رحلة البحث عن الطعام  ، وعلي سيرة  الطعام ، القضية التي آسرت حياتي كلها ، والتي يمكنني ان اترك اي شئ مهما كان غالياً لاحصل عليه ، يمكنني القتال مع اي هر اذا فكر دخول منطقتي  ، الطعام  موجود فى كل مكان ولكن فقط عليّ ان اسعي لأخذه  فهو فى العادة يتحرك بحرص واعلم اين اجده دائماً والمضحك فى الامر ان البشر يخشونه ، كان من الاولي ان يخشوني انا لانه عندما يراني يتصلب مكانه من الرعب ،  لا يكون سهلاً طبعاً اصطياده دائما ولكن تتبع الحواس بدقة  واكتساب المهارة فى كل فرصة يزاداد  ، وبالطبع اكون ممتنة كثيراً لهؤلاء الذين يقدمون لي طعاماً اخر جاهزاً  بالرغم من انه مجرد بقايا او فتات متبقي من طعامهم ( اقصد البشر طبعاً ) .  

اريد ان اقدم نفسي لكم  ، انا نانسي ، لا لست فتاة ولكني هرة  واعلم ان ذلك الااسم يطلق فى العادة علي جنس النساء من البشر  ولانني هرة او قطة كما باللهجة الدارجة ينطقونها ،  يسعي البشر عادةً ان يطلقون اسمائهم علي اى شئ يمتلكونه وكنوع من الالفة فقد سٌمِيت بهذا الاسم ، والغريب ان البعض منهم يطلقون اسم " قطة "  علي بعض من النساء خاصتهم تيمناً باللطف او المظهر الجميل ، قد يرونا متشابهين ربما واعتقد ان لديهم الحق فى ذلك نوعاً ما ،  ولكن لماذا لا يطلقون الاسماء بمسمياتها الحقيقية وينتهي الامر بدلاً من تلك اللخبطة ؟ لا ادري الحقيقة ، ربما لديهم نوع من الخيال ليس لدينا نحن فى قبائل الهررة ، فالبشر بحكم تعاملي معهم مختلفون عن بعضهم بالرغم من ان مظاهرهم وعاداتهم واحدة  ليسوا مثلنا ، ما نبيت عليه نصبح فيه

فصيلتي هي  الماو المصرية ، نوع لطيف المظهر الي حد ما ليس كالشيرازي طبعاً ولكنه يتميز بألوانه الجذابة ( من وجهة نظري المتواضعة للغاية   فليس بنا اي غرور ! ) ، فراُئنا ليس طويل الشعر ولا قصير جداً  ولكن يمكنك ان تراه كأنه رسمة لفنان من العصور الوسطي او حتي قبل ذلك ، تموج فى شكل الالوان وكأن هذا الفراء تم تلوينه اولاً ثم ارديته بعد ذلك ! ، سبحان الخالق
لم اولد فى بيت وسط البشر ، اولاد خالتي هم الذين ولدو هناك وكنت قريبة من ذلك انا ايضاً الا ان والدتي قررت المضي بنا الي منطقة منعزلة عن البشر ، فقد كانت تخاف منهم بشدة ، ولغريزة الامومة لديها قررت الا تصاحب اختها بعد ذلك حتي تلد ، لانها رأتها فى كل مرة تريد الخروج يمنعها اصحابها بتعنت صريح رغم كثرة المواء ،   ومن ثم انقطعت الاخبار من ذلك اليوم ، لا ادري هل والدتي ذهبت الي هناك فيما بعد ام لا ، وهل لي اخوة منها انجبتهم فيما بعد ،  ولكن كطبيعة الهررة فبعد شهر واحد من الرضاعة وحتي يتكمل نمو الحواس لدينا والتي تفوق حواس البشر كثيراً جداً والتي هي اساسية للطعام ولتجنب الخطر ، هجرت والدتي وانطلقت ، و كنا اربعة قطط ولم يتبقي الا انا فقط منهم بعد حوالي 6 اشهر من التجوال واكتشاف العالم ، اما لماذا لم يتبقي الا انا فتلك حكاية طويلة علي الاقل بالنسبة الينا ولكن ربما لدي البشر هي عمر طفل صغير لم يبدأ بعد بالكلام .. 


22 أكتوبر 2019

اقتباس

خسارتك لشخص تحبه تجعلك تفقد مذاق الحياة
تصبح حياة بلا طعم ولا رائحة وألوانها جميعها باهتة تميل للسواد
الرحيل وحدة قادر على تحطيم صناديق الألوان الزاهية
التي حاولت أن تجمعها كل يوم لتلون حياة احدهم
فيرحل هو ويتركك وسط حطام الصناديق
                                                 
                                                  رواية ( مالك ) - محمود بكري


2 أكتوبر 2019

منذ وقت قريب

صورة ذات صلة

منذ وقت قريب  ، كنت لا اري الدنيا من منظور هؤلاء البشر الذين يتكلمون دائما عن الحياة مليئة بالمعاناة
 او هؤلاء الراضون بما هم عليه ولا يفكرون حتي فى تغير اى شئ ، او فقط من يبحثون عن اشياء بعينها
تمثل حياتهم بلا تغيير ، الان بدءت اري ان الدنيا ليست كما كنت انظر اليها ، لعلي كنت ادرك ذلك
ولكن كان هناك شيئا يعطيني الصبر والتحمل والتحدي ، كان هناك حلم اسعي لتحقيقه يوماً
 كان مازال فى القلب بعضاً من الوقود بينما حالياً لم يعد للاسف ذلك الشئ موجود ، فقد اختفي فى لمح البصر
وتركني اتعامل مع الحياة بواقعية تجعلك تنهزم من اقل خدش يصيبك ، بلا اى حائط صد او حتي دفاع
يمكنه التصدي قليلاً ، فقط تشعر طوال الوقت انك فى صحراء وعليك اكمال الطريق وحدك بلا اي مؤن
 تسير وتسير وتسير
 ان توقفت سيكون هلاكك حتيماً بينما تحرك قدميك لعلك فى وقت ما ستري شئ أخر
تعلمت الا اثق ، لا اثق فى اى شئ ، فما فى يديك بعد ان تغلق عينيك لبرهة ربما لا تجده ، لذا فهي الواقعية البحتة
ان لاشئ غير انك ستظل تسير فى تلك الصحراء وحدك ، لا ادري أيتم تسمية ذلك اكتئاب وفقدان للثقة
ام ماذا يدعونه بالظبط ، ولكني لم افقد الامل فى الله يوماً لاني لا استطيع ، صرت فقط احيا مثل هؤلاء البشر
علي نمط روتيني متكرر بلا اى نظرة بعيدة لمستقبل اخر ، تركت الخيال وتركت التفكير فى العالم بمنظور مختلف
كما كنت سابقاً فقد انضممت الي نادي البشر الذين يعيشون ويموتون وكأنهم يوماً لم يأتوا من قبل وكأنهم يوماً  ذهبوا
علي اي حال  انا لست محبطاً ولكن الواقع ان بإمكانياتي تلك يبدوا انني لن اغير شيئاً فى الحياة كما كنت اظن
 او انني سأحظي من الدنيا بمعاملة خاصة كما كان لدي ،  ويبدوا ان الحقيقة هي تلك  ، بطعمها المر ، بقسوتها
التي فطرتني وشطرتني نصفين نصف خارجي حي للناس ونصف فى الداخل خواء
 ان تري حقيقة وضعك افضل من الحياة فى وهم  ، انا فقط  ....  لم يعد لدي طاقة لهزائم اخري . 

30 سبتمبر 2019

بلادي يا ام البلاد

موطني ، بلاد العذاب  ،  لم يمر عهد بها الا وفيها شئ يعكر صفوها ، مليئة بقصص الظلم والاستعباد
 سواء كانت من الخارج او للاسف فى الداخل ، لفترة طويلة من الزمن مٌنِعت بلادي من الكلام
 يعتبر فيها شيئاً محرماً بالرغم انه لا نص فيها ولا قانون يحرم ذلك ، بمرور الوقت صارت رفاهية
 وبمرور الوقت صار الناس لا يصدقون من يتحدث وصاروا لا يثقون حتي اصبح الكلام لا يحرك ساكناً
 فقد احتموا فى شوارع المدينة ونجوع القري ، يكفيهم قوت يومهم ، احلامهم البسيطة ، طموحاتهم
التي لا تتعدي سقف خندق محاط بالالغام ، ورغم كل ذلك تراهم كالاسود عندما تتصادف لحظات بعينها
يخرجون فيها من جحورهم ليصبحوا فجأة هم الغزاه ، هم القوه ، وتتعجب اين كان هذا الامر طوال هذه السنوات
  ولكن عندما تقرأ التاريخ ستتذكر جيداً ان ذلك هو الطابع الغالب ، نعم هم اغلب الوقت صامتون
 كرجل طيب صابر علي اذي جاره الذي لا يرتاح له بال حتي يؤذيه ، ولكن عند طفح الكيل يتحول
 كثرة الصبر الي مخزون قوة يطيح بكل من قام بأذيته يوماً ، تتذكر ماذا فعلوا ايام الاحتلال وايام النكسة
وايام الثورات التي قد تري بينها فترات طويلة متباعدة ولكن فى كل مرة تزداد وتنمو وينمو الوعي تدريجياً
 البلاد لا تقوم بين ليله وضحاها وان كنت متأخراً خير من الا تقوم ابداً ، فعدو بلادي احمق
 لا يعلم ان كلما يشد عليهم هو هكذا يعلمهم حيلة جديدة ، ممر اخر للخروج

بلادي يا ام البلاد والتي استبشرت بها خيراً منذ سنوات عندما اسقطت نظاماً يأس العالم من سقوطه يوماً
ولكن  بعد ذلك اسقطها الوعي ، لا بأس ، العلام ليس سهلاً ، بناء الاوطان ليس هيناً ، لكي يصح جسد انسان
لابد من تحمل عذاب علاجه وفشل الطرق مرة تلو الاخري ولكن يوماً سينجو ،  ربما ليس الان
 ربما جيلنا هذا لن يشهد ذلك  وحتي ان سقط كل شئ امامنا فلن يستطيع اى انسان اي يمحوا التاريخ
 ليس التاريخ الذي تراه فى اوراق المناهج ،  بل الذي يخرج من صدور الناس ، وكما خرج هذا الجيل يوماً
 سيخرج بعده اجيال ، وبالرغم من ما نعانيه الا انه عندما يتحدثون عن الشرارة الاولي
 سيذكرون هذا الجيل يوماً انه اراد ان يتنفض ، اراد ان يكسر هيمنة العجزة الذين تحكموا فى كل شئ
هم الان يقفون وعلي وجوههم ابتسامة بلهاء  وتناسوا ان اكبر هزيمة لهم
انهم سيتم ذكرهم بسخط فى كل مرة يتحدثون فيها عنهم . 

22 سبتمبر 2019

بين التظاهر والتخفي


نتيجة بحث الصور عن ‪in between happy and sad painting‬‏

بين التظاهر والتخفي ، تكمن الامور وعكسها ، تظاهر بالمرح ، بالسعادة ، بان كل شي علي ما يرام
 ليس هناك ما يعكر صفوك وبين اخفاء الامور الاخري التي تجعل منامك معظم الوقت شئ مستحيلاً
و تتسأل متي ستتنهي تلك الحالة من التناقض ، سواء بان تكون فى جميع حالاتك سعيداً
 او تعلن وفاة الحياة داخلك


تتحلي بالصبر والصمت ، الالم والكتمان ، الدموع الخفية عن عيون الاخريين ، والتي تكتم نحيبها
خشية ان يسمعها احد ، تحدثك نفسك ان الله معك ، يسمعك ، يعلم بحالك ، فقط اصبر
 سيكون كل شئ علي ما يرام لاحقاً

تحدثك نفسك بالجلد وبأن تكون رجلاً ، لا تظهر ضعفك امام احد ، ولكن عندما يأتي اخر اليوم تقول لها
نعم ذلك ليس اختيارياً انا مجبر علي ذلك


تحدثك نفسك بأن امضيت عمرك في السراء ، لماذا لا تتحمل الضراء في البقية ؟!
مثلك عاني كثيراً ، لا تتخيل انك وحدك فى العالم ، فقط امض فى حياتك ، ليكن ما يكون
الحياة لا تقف علي احد ولا علي شئ ، وحتي انت لن تقف عليك
فاقول لها : نعم صحيح ، ولكني لم افقد احد بعينه انا فقدت الحياة ذاتها ! ، والغريب انني مازلت اتنفس
 فاهدر الهواء وقلبي يدق بلا طائل  ثم استغفر الله لقولي ذلك ، انا فقط لا اعلم الحكمة فى بقائي 

وماذا بقي لي لاحياه ، ان كنت لا استطيع فعل شئ او حتي مجرد الحديث ، انا لست جباناً او ...
 ربما اكون كذلك اذا ما جردنا الحقيقة عن اي ظروف  ولهذا فإنني لا استحق ان اظل اتنفس
  فلعل ذلك الهواء ينفع غيري


تحدثني نفسي : ولكنك لست متحكماً فى حياتك ولا فى قدرك
 واقول لها : نعم ولكن ايضاً لست متحكماً فى  قلبي والمي وفقداني لنفسي وللحياة داخلي
 انا لست متحكماً فى اي شئ علي الاطلاق !

فتصمت نفسي واصمت معها وتشعر بان الوقت يمضي وصدرك يضيق وتشعر بالتعب الشديد
وفي نفس الوقت لا يغمض لك جفن ، 
بل تظل هكذا وكأن الحياة تدور وتدور وتدور .....
 بين التظاهر بانني اريد الحياة واعمل لاجلها امام الناس والتخفي من حقيقة انني لم اعد اريد شئ فيها حرفياً
ولا أبالي وهنا تكمن القضية ، 
القضية التي اتمني ان يحكم لي الله فيها بما يريده ، ان كنت سأرتاح
 او حتي بقائي فى الحياة معذباً


نعم يا ربي انا استحق ولا انكر ذلك ، بل انني استحي ان اطلب منك ، سأظل صامتاً وصابراً الي ان تتوفاني
ولكن لي رجاء حينها

ان تسامحني والا تجعل هناك عذاباً بعدها ... 


15 سبتمبر 2019

ليله الوصول - مذكرات




عندما دخلت تلك الكتيبة كنا ليلاً ، تقريبا بعد السابعة بقليل وكنت مستاء للغاية، لم تكن كما تصورت، كنا في الليل ولم استطع الرؤية جيدا لان النضارة او الذي بقي منها لم يعد يصلح ان تري منه اي شئ فكنت امسك بيد زميلي القادم معى من نفس مركز التدريب (الشاب القاهري) ، سأل الصول من يستطيع الكتابة بخط جميل فرفعت يدي وسأل مره اخري من يستطيع العمل علي الكمبيوتر فرفعت يدي مرة اخري ، ثم اخد اسمي واسم من قام برفع يده معي ثم مضينا للداخل بعد التفتيش والملاحظات من الظابط الموجود حينها والذي لم اكن استمع حقاً لما يقول وليس لأني مستهتر ولكن حقاً اذني كان سمعها ضعيفاً ( سمع ونظر ماشاء الله ) !! تخيل معي كم الدعوات التي طالت ذلك المغفور له من قام بالتوقيع علي خانة لائق وتسبب بدخولي للجيش !! المهم بعد ذلك تم ايقافنا طابور و كانت هناك رغبة ملحة فى الذهاب الي الحمام وبسبب عدم الرؤية شعرت كأنما ندور فى نفس المكان ولم اعد أعلم الشمال من الجنوب او الشرق من الغرب ، فقط اتبع من يسير أمامى حتى وان ذهب الي اعلي جبل وقفز من هناك ، وبعدما اهتديت اخيراً لطريق الحمام شعرت ان مشكلة وصولي له كانت بسيطة مقارنةً بما وجدت فيه !! ( هنا لا استطيع الشرح ، اعذرني )


بعد ذلك اشار الشاويش علينا بالذهاب للعشاء اولاً فامسكت بيد زميلي لكي اسير معه ، وكان العشاء عبارة عن فول وعدس، وهما غالبا العشاء الرسمى في كل المعسكرات، الفارق فقط أن الفول والعدس لتبرئة الذمة وحفظا للاذواق كانا كأنما تم خلطهما مع اكسيد المنجنيز او سادس اوكسيد البوتاسيوم فصار طعمه هكذا! وسألت زميلي هذا وقلت : هو دا الاكل اللى هانقضي بيه بقيت الخدمه هنا ؟ و ضحكنا من الحسرة التي المت بنا ( كل كل حد لاقي ، امال فاكر هنا هتاكل ايه ) وعندما عدنا صعدنا لكي نتسلم الدولاب والسرير الخاص لكل شخص وكانت هناك ازمه فى ايجاد اي منهم او يكون صالحاً للاستخدام الادمي ولكن ما كان يشغل بالي حقاً انني كنت اتمنى ان تمضي الليله باي شكل فالشعور السائد وقتها كأنما تم اختطافى لمكان يعلم الله وحده ماذا ينتظرني فيه.... 





23 أغسطس 2019

مذكرات - قمر بين الرمال

هذه المرة سأحكي عن جانب آخر ، شخص ما لم يكن موجوداً فى الكتيبة ولا فى الجيش من الاساس وفي نفس الوقت هو نفسه طاف معي في كل مكان تحركت فيه قدماي ، لانه كان فى القلب
شخص كان كلما يشتد عليا الامر اتذكر ايامي السابقة معه ، يهًون علي نفسي بأن هناك اجازة وسيكون فى استقبالي
لا تعلم ولن تدرك ابدا تلك اللحظات التي امسك فيها بيدي تصريح الاجازة ، الطريق لم يكن يعني شئ الا مجرد وقت قبل ان القاها ، وقبل ان تتعانق عينانا سوياً وتعود لتذرف الدموع  فى اليوم الاخير قبل العودة للكتيبة مرة اخري
كنت فقط  وقتئذ اتذكر نفسي حينما اكون هناك ( فى الكتيبة ) اجد نفسي  لا ارادياً محملقاً فى وجهها حتي تتشبع عيناي من رؤيتها ويملتئ كياني منها  ، اقول لنفسي ستكون هناك فترة لن تراها فانظر اليها جيداً
 تلك  كانت لحظات لا تقدر بثمن
فى بداية الامر كنت لا استطيع التواصل معها مطلقاً ثم بعد ذلك وجدت طريقه ارسل ولو اشاره اننى اتذكرها
فى اصعب اوقاتي هناك فى الصحراء ، حيث اللهيب والعطش والتعب والضيق ، وفي الليل اثناء الخدمه انظر الي القمر
 وارسل اليها كلماتي لعلها تصل ، ولعلها تدرك او تشعر ، او حتي أتي لها فى المنام ، وكان الافضل بالنسبة لي ان تأتي لي فيه لاتمكن من رؤيتها حتي ولو مجرد طيف

كانت بيينا مسافات بعيده ولكنها كانت لا تعني لي شيئاً مطلقاً ، وكنت انسي كل مرار حينما تلتقط اذناي
ولو صوت انفاسها ،  كانت الرمق وكنت ارتوي من رساله نصية لهاتف اخفيه بعيداً لكي استطيع ان اطمئن عليها ، فقط لاذكرها بأنها اغلي ما فى حياتي ولو كانت حياتي عبارة عن معاناة ، فبعدي عنها كان هو المرار الحقيقي

كنت افكر فيها دائماً ، خاصة ً اثناء خدمتي ليلاً ، كانت السراج الذي ينير قلبي ، كنت اراها فيه كالقمر بين كثبان الرمال ، اغلق عيناي علي صورتها ، واستفيق وخاطرها بداخلي ، لو كانت تعلم مقدار حبي واشتياقي
 بالرغم من كل ما مررت فيه لكانت تبادر فى الذهاب اليّ هناك
وكنت اشعر بذلك واخبرها وتبتسم مما يجعل كل ما فات عبارة عن لا شئ ، لان ابتسامتها كانت تقابل كل العبوس
الذى كنت اراه هناك ، كانت هي السر وراء تحمّلي كل شئ فى حياتي بشكل عام . 
 

20 أغسطس 2019

مذكرات - الحمًام

واخيرا انتقلنا .. اينعم بعد مرار طافح ، ولكن انتقلنا ، كان يملؤني الحماس والخوف فى ان واحد ، كنت اتشوق الي معرفة الكتيبة التي سأحظي بالتواجد بها طوال فترة الخدمة ولكن المشكلة اننا كنا فى الليل ولم اكن اري جيداً  ،  كنت لا ارتدي النضارة لانها كانت قد  تحطمت تماماً  ، كان هناك عين اري بها علي الاقل فى السابق وكنت اشبه القرصان عندما ارتديها اري بعين ولا اري بالاخري ، وكنت اضطر لذلك حينما اريد رؤية شي لا اعرفه
 اما بقية الاشياء فكنت قد حفظت المعسكر ( مركز التدريب )  حينذاك عن ظهر قلب ، لان نفس كل شئ حدث امس
 يحدث اليوم  يحدث غدا ، ( اللي نبات بيه نصبح فيه )  


قبل ذلك تم تبليغنا اخيراً ونحن فى اللواء العاشر ان اتوبيس الكتيبة قد جاء  ، ولك ان تتخيل الفرحة ، اخيراً سوف اذهب لأكون عسكري اساسي وليس عسكري ترحيل ، ولكن لحسن الحظ لم يكن هناك مكان لبعض العساكر وكنت واحداً منهم
 لماذا حسن الحظ ؟ لانني علمت ممن سبقونا فيما بعد انهم قاموا بعمل ( التشريفة )  لهم فى ذلك اليوم !

والتشريفة بإختصار هي عادة عسكرية بين الظباط وصف الظباط وبين العساكر ، وذلك بأن  يأمروا الجنود بأن تقوم
بجهد جبار فى الزحف والركض وحمل المخلة والجري بها مسافات طويلة ، واي شئ اخر مهلك للبدن قد يخطر علي بالهم 
 ( بهدلة يعني ) ،  يمكنك تسميته كنوع من الاستقبال ، ولكنه استقبال كمن حاصرك فى كمين واوسع بك ضرباً ..

حكي لي احد الجنود ان الصول ( فلان ) جعلهم يحملون المخلة والي عمارة السكن صعوداً وهبوطاً ، بخلاف ان
ذلك الصول ( فلان ) هو من الاساس كلما يأتي تشعر بأننا قلتنا له قريب ما  فيقوم بالانتقام فقط لمجرد رؤيتنا ، بل الابتسامة فقط او التأخر ثواني معدودة عن فعل اى شئ يأمرك به حتي وان كان لك العذر فى ذلك هو درب من الجنون بالنسبة اليك لانك ستدفع ثمنها غالياً ليس وقتها فحسب بل طالما انت باقِ وتتنفس علي ارض الكتيبة ، والمستفز فى الامر انه كان قصيراً وبديناً ،  يجعلك تحتار وتتسآل ،  كيف كان يوماً عريفاً فى العسكرية منذ زمن طويل ، هل كانوا يقبلون اى احد او ربما كانت الواسطة لها دور ، ام ان لديه قدرات خارقة تظهر في اوقات الغضب  !! ، لا ادري ، هو فقط كان شيئاً يسير علي الارض ولا تدري من اين يظهر ، ربما ذلك حقاً كانت احدي قدراته الخارقة !
لم يكن فى الكتيبة احد يحبه  من الجنود ، ولا اعتقد ايضاً من الصف ضباط الا اللهم من هم علي شاكلته ، وبالرغم من ذلك كان يشاع انه فى النهاية طيب القلب ، اي انه قد يقوم بإذلالك حقاً ولكن لا يقوم بعمل اورنيك ذنب فيك

كان الطريق طويلاً جداً ، وكلما طالت المسافة كلما كان ذلك اسؤأ ، لان طريق العودة اثناء الاجازة سيكون طويلاً اكثر
كل تلك المسافة وانت في اتوبيس او ميكروباص يسير متوجهاً خط مستقيم الي الكتيبة ومن لواء هو من الاساس بعيد عن مكان اقامتك ، فكيف اذاً فى المواصلات ؟ كم سيارة ستضطر  ان تقلها حتي تصل ؟ ناهيك عن المسافة التي ستقطعها علي قدميك !

حاولت النوم فى المكروباص ولكن لان المخلة ثقيلة فكنت اشعر بان قدماي ... لا لم اكن اشعر بهما
 ذلك هو الوصف المثالي ! ، مثلما حدث حينما كنت متوجهاً من القاهره الي الاسكندرية فى القطار تقريباً
كان الحلم بأن اخيراً سأجد مكاناً لن اضطر الي مغاردته الا بعد وقت طويل ، وسرير سأنام عليه ودولاب سأضع به تلك
التي بليت بها والتي تدعي المخلة وامتعتي الخاصة وسأسير واتحرك فقط بالزي العسكري و امممم .... السلاح !

المنطقة كانت تدعي الحمام ، نعم ما خطر فى بالك هو ما خطر فى بالي ايضاً عندما سمعتها لاول مرة !
 لك ان تتخيل ان ذلك هو فعلاً اسم المنطقة التي يوجد بها كتيبتي والتي كانت جزء من كتائب القيادة للفرقة الثالثة مشاة ميكانيكي ، لم نكن تابعين للواء بعينه بل للفرقة ذاتها واين ؟ فى القيادة ، هل تعلم ماذا يعني ذلك
ان قائد الفرقة بذاته كان يحضر الطابور والتدريب الصباحي  ومن الممكن ان يمر عليك او يراك فى اى وقت
هل تعلم ماهو اسؤا شئ للجندي ؟ ان يكون طوال الوقت يشعر بأنه فى خطر داهم خشية ان يفعل او لا يفعل اى شئ ليس من المفترض علي الجندي عمله ، خاصةُ وان كنت تشعر بان ليس هناك راحة تحظي بها وتضطر اليها والا ستموت من التعب
 وان الوقت يمر مثل سلحفاة قررت ان تسافر الي قارة اخري ! 






13 أغسطس 2019

مذكرات - اللواء العاشر


كانت بداية اللواء العاشر مرهقة جداً مثلما كانت نهايتها ايضاً ، بالرغم من تخللها بعضاً من اللامسؤلية والراحة ولكنها لم تدوم ، هذا اللواء تراه من الخارج مناسباً لرحتلك فى الجندية  ، قريب من العمران والمواصلات  وبسيط ولكنه مش مكيا ، وان لم تعرف معني مش ميكا ببساطة هو مشاه ميكانيكي ، ولما سمي بهذا الاسم ؟ امم قصة طويلة اختصاراً لها انه فى الغالب هناك ألوية كثيرة لها ذلك الاسم وهو يدل علي ان ذلك اللواء به كتائب بين المشاة والدبابات وهكذا ...
والمعروف ان ابغض سلاح لدي الجنود هو المشاة ! ( من اسمه يعني باين )


بعد البداية الغير مبشرة بالمرة والتي كانت عبارة عن السير مسافة طويلة جداً وانت تحمل المخلة ( الشنطة-الحقيبة )
 والتي بها كل شئ  يخصك ومعها بالطبع  امتعتك الخاصة ، ولا تنسي انك تسير بالبيادة ، وهي عبارة عن حذاء لا فرق بينه وبين سواه غير انك تشعر بانه حذاء بداخله 7 رطل من الرمال ،  فكان ذلك اشبه بتمرين رفع اثقال عنيف خصوصاُ لو كان لجنود مستجدين ، بالنسبة لي وقتها حمل السلاح ( والذي كان ثقيلاً وقتها بالمناسبة )  والركض به كان افضل من حمل تلك المخلة اللعينة علي ظهري دقايق

بعدما وصلنا صارت كل غايتنا تنحصر فى ايجاد مكان نبيت فيه ، بالطبع ان تدرك كم من الجنود معك مثلك تماماً سيتم توزيعهم علي المنطقة بأكملها ، الامر اشبه بهجرة بعض المدن ليتم وضعهم فى عمارات محدودة العدد ، والنتيجة هى ان عند اخر حدود قد تصلها قدميك قم بوضع المخلة واخرج بطانياتك التي اشبه بالشوك تلك ونم عليها .
كنا مجموعة او قل اصدقاء وذلك لاننا كنا معاً فى مركز التدريب ، فراق الاخريين لنا كان يملونا بالحزن ، ولتعلم ان صديق الجندية هو اقرب صديق لك ، لماذا ؟ لانه مر بكل اختبارات الصداقة التي من شأنها معرفة ان كان صديق حقيقياً ام لا
بالاضافة الي ان اي انسان يشاركلك محنة ما فليس من السهل نسيانه ابداً

عندما قلنا اخيراً وجدنا مكان اذ فوجئنا بــ رجل علي اكتافه نجمه او اثتين  ( ملازم او ملازم اول ) يصرخ فينا ويقوم بطردنا خارج المكان ( كان بكلمات بذئية اخشي ان اذكرها حتي علي سبيل المزاح ) ! 
اخذنا بعضنا نجوب الامكنة حتي لم يعد هناك مكان غير الشارع او مخبأ صغير  اشبه ببيت مهجور منذ زمن لا اعلم ماذا كان عليه فى الماضي ، اعتقد انه كان مجرد سجن ! ، كنا سنرحب بلا مشكلة لولا انه عفا عنه الزمن ومن المحتمل ان يكون فيه حشرات وافاعي ناهيك عن قذراته ، لذا كان الشارع افضل كثيراً
ولكن في النهاية تمت النجدة  بحمد الله وذهبنا الي عماره سكنية ارتضوا ان نبيت فيها وصعدنا الي الدور العلوي  وقمنا بفرش بطانياتنا الشوكية تلك ، وبالطبع لاننا كنا مرهقين فلم يقم احد بالتركيز علي شخير احدهم او رائحته ، فقط نم !
وللمعلومية فقط ، تلك العمارات ليست كالتي تراها فى المدنية ، عمارات العسكرية منقسمه الي مجرد عنابر وغرف للسلاح والذخيرة ولاي معدات اخري ، وبالطبع للظباط وصف الظباط نصيب الاسد فيها  .

قبلها حين وصلنا هناك ( الي اللواء العاشر ) ليلاً ، قاموا باصطفافنا والحديث الينا ، علي ما اتذكر كانوا مجموعة من الجنود القدماء او ربما ضباط صف ، وقالوا لنا ان كل يوم سيكون هناك طابور وان عليك الانصياع لاي امر ، ومن المحتمل ان يأتي اتوبيس الكتيبة او اللواء التابع له فى اي وقت ليأخذك ، لذلك عندما نقول هناك جمع فلتأتي فعلاٌ ومعني كلمه جمع ببساطة ان تحضر بنفسك متأهباً بكل شئ في ساحة الطابور 
في اول الايام كنا نفعل ذلك الي حين علمنا وبالتجربة انهم كانوا يستغلونا فقط !


القاعدة الازلية فى اي معسكر  : اى عسكري قادم اليك حلال لك ، تستخدمه للنظافة ، للعمل ، لاداء اى وظيفة ، ربما فقط لا تعطيه سلاح او خدمة لانه حينها يجب ان يكون تابعاً لنفس معسكرك ، وبما انه قادم بصفة مؤقته  وبما انك قديم و ابن المكان وبما انه لا يعرف شئ فسيقوم بتنفيذ اي تعلميات او اوامر وذلك ما فعلناه فى بادئ الامر
حتي  بادئ ذي بدء حينما  كنا فى مركز التدريب كانوا يوقفوننا خدمة بالعصا ، لانه لا يجرؤ علي اعطائك سلاح ، بغض النظر علي عدم تدريبك الكافي ، انت لست فرداً فى الكتيبة نفسها معهم .
ستري نفس المعاملة هذه فى كل مكان ، الجندي القديم او الٌرتَب دائما تري اى جندي مستجد عبارة عن شخص قادم من كوكب اللالا لاند ، ابيض ، خام ، تشعر ناحيته بشئ من الشفقة وايضاً فى نفس الوقت بالتعالي ! 


ولكن بالرغم من ذلك ينبغي ان اذكر تلك اللفتة الطيبة من جندي هناك ، لم يكن معي هاتف ، فقط رقم تليفون ابي ، وقمت بالاتصال به من هاتفه الخاص  ولم اجد اجابة ، لاحقاً استوقفني ذلك الجندي وقال لي انهم قاموا بالاتصال فيما بعد واعطاني اياه لاتحدث اليهم ولم اكن قد حصلت  علي اجازة لفترة ، ذلك الموقف وان بدا بسيطاً الا انه لا ينسي ، ادعوا من قلبي لذلك الشاب ان يحفظه الله من كل شر ويجازيه خيراً ..

كنا نقوم بالنظافة وجمع الاعشاب الضارة والحفر وبأي مهام اخري كانوا يعطوها لنا ، حتى تعبنا وتعلمنا كيف نلوذ بالفرار منهم ، فى النهاية انت لست فى معسكرك الاساسي ، وف اى وقت ستذهب ، ليس لديك تمام ، ليس لديك مهام محددة
كنا نعلم مواعيد الطعام ومن بعدها نذهب الي الكافيتريا ، والتي كانت طوال الوقت تذيع كليبات للاغاني واى شئ اخر يلهي الانسان عما هو فيه ، وكنا عندما نراهم نلوذ بالفرار ( عساكر اللواء )

في بعض الاحيان كنت اترك الجميع واصعد سراً نحو السطوح وانام ، كانت الجو بارداً غالبا كنا فى نهاية فبراير  او بداية مارس ، وفي ذلك الوقت بدأت القيام بعدً الايام تنازلياً لان واحد مارس كانت تعني البداية الفعلية لفترة الخدمة  وكنا نحصل علي الدفء من خلال الشمس فقط ، كنت اعتبرها استجمام ، كانوا يبحثون عنا واعتقدت ان ذلك المكان هو اخر مكان سيظنون ان فيه احد ، وفعلاً قد كان ، نجحت الفكرة و كنت ازحف بالطبع لانني اذا وقفت من الممكن ان يراني اي احد ، ناهيك عن ابراج المراقبة !
ولكنها نجحت لفتره حتي اعتدنا واعتادوا الامر  واصابنا الملل من طول الانتظار وصرت لا ابالي غير بشئ واحد
 متي سأذهب الي الكتيبة ؟  ويا ليتنا ما سألنا هذا السؤال !!





1 أغسطس 2019

خمسة اعوام

استيقظ صباحاً كان تقريباً من اول الموظفين ذهاباً للعمل ، بدء فى الاعتياد علي ذلك منذ فترة قصيرة ، يحب ان يذهب قبل ان يأتي الجميع ، حتي يستطيع ان يتم ما يجب فعله وما يجب ان يكون مستعداً له وما سيواجهه ، يذهب فى السادسة صباحاً وينتهي من التاسعة مساءً ، ويظل حتي بعد انتهاء العمل كأي موظف جديد يريد ان يثبت نفسه 

غير انه ليس جديداً  ، كل ما هنالك انه صار يعمل فى قسم جديد ليس الا  ، ويطرح سؤالاً ، متي سأستقر فى قسم او اعود الي عملي السابق !
ولكن كان هناك امراً اخراً يشغل باله ذلك اليوم ، لقد انقضي خمسة اعوام علي وجودها فى قلبه ومنذ ذلك الحين لم تخرج ابداً 
وايضاً ربما لن تعود ... 

يفكر ، ماذا لو كانت الان هنا ؟ يفتقدها ويفتقد تشجيعها له فى كل تحدي ، وجودها معه فى اي ازمة يمر بها ،ووجودها معه فى الحياة من الاساس
 حتي ولوفقط  بالكلمات ، هي ذاتها الكلمات التى تقال من اي شخص اخر
 ولكن بصوتها هي تكون غير كل الكلمات 

 ينظر الي الميدالية التي اهدتها له منذ زمن  ، اصلحها جيداً بعد ان تحطمت من قبل ،  يريد الاحتفاظ بآخر رمق منها 
 يضعها علي شفاهه ، يقبلها بحرارة ويقول  كل عام وانتى فى قلبي يا .... 
من كنتي يوماً تدعوا ان نظل معاً لاخر الحياة ..  


26 يوليو 2019

مذكرات - ( الترحيل )


قبل كل شئ دعني اخبرك ، الحياة وانت جندي ليست كما تراها وانت تنظر الي الجنود وتري ما يفعلون ، عليك ان تعيش كجندي لتعلم ذلك جيداً ، فلا تحكم علي اى جندي او فرد داخل الجندية قبل ان تعلم ، لان حياته مختلفة 360 درجة حتي ان اكثر الاشخاص فقراً وبؤساً قد   تراه افضل  ،  99 % مما يفعله ليس ما يريده او يرغب فيه ، وان روحه ونفسه ليست ملكه ، وان الحياة هناك تجعل من تفكيرك ضيقاً لابعد الحدود
ومع الوقت تنسي انك كنت مدنياً من قبل ، وكل ما ترغب فيه هو ان ينقضي الوقت وحسب ، وليس هناك اسوأ من ان تشعر ان نفسك ليس لك الحق فيها بل ان الاحق بها  كل ماهو اقدم منك سواء بالوقت او بالرتبة ..
اتعلم ؟ كل شئ هناك قد يصبح هيناً وسهلاً ان فقط اعطيت نفسك لك وصرت حراً  ، وان تستخدم عقلك كما تشاء  وليس فقط لتطيع الاوامر وطريقة تنفيذها وعما هو قد يسبب العقاب وتتجنب فعله ، وبالرغم من ذلك كله فإن اطاعة الاوامر هي العمود الفقري للجندية وذلك ليس سيئاً
لان ان لم يكن هناك طاعة واحترام للأقدمية فهو لن يعد جيشاً او حياة عسكرية اذاً ، ستكون اقرب لتشكيل عصابي !


المهم ،ذهبنا الي قيادة المنطقة الشمالية فى سيدي جابر وبتنا ليله غالباً هناك ثم بعد ذلك الي معسكر اخر يذهب اليه الجنود ليتم توزيعهم علي اللواءات والكتائب و كان اللواء العاشر نسخة مصغرة لما هو قادم فى الجيش ، كانت اول المحطات لمعرفة انك مجرد جندي قيمتك قد لا تعود بالنفع اكثر من من مجرد هيكل حديدي ( السلاح ) وبعض الاقمشة ( الافرول ) ، بعدما وصلنا اولاً الي الاسكندرية وانتهت محطة السير الطويل وانت تحمل مخلتك والمرمطة وقضم الظهر ، نزلنا من الاتوبيس وجلسنا فى صفوف ، حان الوقت لمعرفة كل فرد فينا اين ستكون الكتيبة التي ستكون مدة خدمته فيها  بشكل ثابت
كان لي صديق كنت اشعر بشكل خفي اننا سنكون فى نفس الكتيبة ولكنه لم يكن يريد ذلك او قل انه كان يخشي ذلك لاسباب شخصية قد نضحك عليها  ان قابلته الان صدفة ، كنت الح عليه كثيراً واقول اننا سنكون فى نفس المكان ، ولانه بشكل غريب كان من ضمن القلائل القادمين من القاهرة وتكون مدة خدمتهم فى المنطقة الشمالية !! ، نعم عندما يعود لبيته خلال الاجازة ستكون الاجازة نصفها فى الطريق والنصف الاخر فى العودة مرة اخري ! 

المهم اننا جلسنا واستمعنا وكانت المفاجأة اننا فعلاً فى نفس الكتيبة ، لك ان تتخيل كمية الضحك ! ، اذاً يا صديقي العزيز انت من ضمن المئات من القادمين من القاهرة وجدت نفسك ذاهب اليى اقصي بلاد عن بلادك وليس كذلك فقط بل فى ابعد نقطة فى المنطقة الشمالية كلها
منطقة الحمام !! ، هذا اسم منطقة فعلاً بالمناسبة وليس ما دار فى رأسك عندما رأيت الكلمة ! ، وهى تعد المحطة الاخيرة قبل الدخول فى المنطقة الغربية ، وكان ساكنيها عبارة عن بدو ، وضع تحت كلمه بدو مائتان وثلاثة واربعين الف خط !

بالطبع الكتيبة لم تكن اشارة مثلا او دفاع جوي هي فقط عبارة عن استطلاع كما علمت فيما بعد ، استطلاع مدفعية ، لان هناك كتيبة اخري تماماً تسمي فقط بالاستطلاع ، وايضاُ كما اظن هي تخصص استطلاع عن العدو ، هذا والله اعلم يعني ، لا تنظر لي هكذا هي معلومة مفيدة صدقني

تلك كانت المحطة التي اقمنا فيها غالباً مدة ربما ايام او اسبوع وربما اكثر لا اتذكر جيداً ، كانت الحياة عبارة عن طوابير ثم بعض الاعمال ثم الاستلقاء فى الشمس ثم فى الظل والطعام ثم فى الليل ننام بجانب بعضنا البعض وكأننا فى خندق ، الحمامات دائما مزدحمة ، وطبعا المدة الطويلة بغير اجازة كانت توجب عليك الحلاقة هناك وما ابشعها من حلاقة ! ، حتي ان هناك بعض الليالي التي اصبت فيها بالاعياء وبمغص كاد يفتك بأمعائي ، ربما من الطعام او ربما شخص ما نقل لي العدوي ، الله اعلم ، هي كانت ليالي صعبة للغاية ولم يكن هناك طبيب او صيدلية او اي شئ قد يسعفك
ثم قرر شخص ما ان ننتقل ؟ ها الي الكتيبة ؟  ، لا ،  الي اللواء العاشر  
اممم اشعر ان اسمه مميز واين هو ؟  ، اتري تلك المباني وسط الصحراء هناك ، نظرت وقلت فى نفسي  بالطبع سيرسلون عربات لتأخذنا
المسافة الي هناك طويلة للغاية ، ثم تفاجأت ان العربات التي ستأخذنا جميعاُ الي هناك كانت عبارة عن قدميك فقط !


ولنا لقاء اخر ..


21 يوليو 2019

مذكرات ( واحد ثلاثة يوحد الله )


بداية انحدار سلم الكتابة من حياتي كان قبل ذهابي للجيش ، فى عامي الاخير او قبل الاخير ف الجامعة ، عندما صار الجميع لا يهتمون مثل السابق  والجميع هنا يشمل كل شئ وليس فقط الافراد القائمين علي المجلة التي كنت اكتب بها ، حتي ان اخر عدد كان قد صدر لم ينشر للطلبة ، حقبة الثورة بدءت تنتهي وشمعة الامل بدءت تخفو
وعندما تم اخيراً تخرجي من الجامعة وكأي شاب مصري ما الحائط الذي سيجده فى وجهه بعد خروجه
من بوابة الجامعة مباشرة ؟
  الخدمة يعني الخدمة فى الجيش  يعني التجنيد الاجباري يعني عش حياتك يعني جيشك حلبة ( كلمة تقال لكل مستجد فى الجيش  )
 

 ذهابي للجيش كان له دور كبير جداً ، حاولت فى البداية ان اكتب وكانت تشبه المذكرات ، كمثل ما اكتب الان !
ولكن اذا دخلت الجيش ستعلم انه من الصعوبة البالغة ان تكمل ، صعوبة اصلاُ فكرة ان تكتب !
تخيل معي ماذا سيكون رد فعل قائد الكتبية وظباط وصف ظباط الكتيبة عندما يعملون او حتي الزملاء ، تخيل انت الباقي ، لا داعي لتخيل اي سيناريو محتمل   ، لذلك توقفت
او قل  اٌلهيت فى طريق اخر وصار لا يوجد وقت او حيل ( عزيمة ) وصب اهتمامي كأي مجند مستجد خريج جامعة
فى سؤال واحد ، متي ستنتهي تلك الفترة ؟! 


قٌضِي علي فترة خروجي من الجيش حتي الان حوالي ثلاث سنوات ونيف ، دفعة واحد ثلاثة يوحد الله  !
ربما ما زلت اتذكر بعض التفاصيل ولكن مهلاً هل تستحق الذكر من الاساس ؟ لا اعلم ولكن لو اردت ان اكتب عنها سأكتب
اينعم ليس كل شئ ولكن الخطوط العريضة فقط ، لابأس اطمئن ، انا لم يكن موقعي فى الجيش حينذاك فى المخابرات مثلاً
كان مجرد سلاح اخر ما كنت اتوقع الدخول فيه ، المدفعية ! ، اصابني الذهول وانا الذي اعاني من مشكلة فى السمع ! ، حتي ظننت حينها ان الامر ربما مقصوداً
المهم ان سلاح المدفعية ذلك لم اري فيه مدفعاً واحداً ، لماذا ؟ لان تخصصي كان تخصص ضمن سلاح المدفعية يدعي استطلاع مدفعية ! ، شئ اخر لا افهمه فى الحياة ، ما فهمته حقاً حينها اننا نرصد او نعطي اهدافاً لكي يتم قصفها بالمدفعية ،اكثر من ذلك سأكون كاذباً ان تكلمت ،
حسناُ شكر الله سعيكم علي تلك المعلومة ، كنا سنضيع ان لم تخبرنا بها ! فى الغالب نحن فى ذلك السلاح لم تكن مهماتنا تنحصر فى الاستطلاع اصلا  ، كان ذلك المسمي فقط
نحن فى الغالب جنود يقفون فى الخدمة ساعات طويلة للغاية ، او تنظيف الاسلحة ، او عمل ما قرر حضرة الصول فلان او الضابط علان ان نفعله ولم يكن بالشئ الذي كنت تتوقعه من حروب وتدريبات وملاحم عسكرية تسرد احداثها فى فخر عندما تنتهي مدة خدمتك ، تلك كانت احلام يقظة ، بالرغم من اننا تحملنا ظروفاً ومواقف لا تقل اهمية عنها عندك مثلاً :

فى البداية فى مركز التدريب الذي كان فى القاهرة علي ما اتذكر ، اثناء تدريبات الصفا والانتباه هناك امام نقيب ما ، وقعت النضارة علي الارض و .... زال حلمي بأن اري بشكل واضح مع حاسة السمع الضعيفة  ، لك ان تتخيل !
بالاضافة اننى كنت بديناً حينها ، وكانت شخصيتي كالمعتاد مسكينة ضعيفة في المواقف الاجتماعية خصوصاُ اذا كنت
من الاساس مجرد جندي كل ما تفعله فى المعسكر يكون بأوامر ، وليس لك فى العالم حرية الا فى ثلاث
( فلوسك ، مهماتك ، شرفك )  ، والذي لم يكن يهتم احد بالتعرض اليهم
فترة ان تقضي بعضاً من الخصوصية مع نفسك صارت منعدمة حتي وقت النوم والذى تكون فيه قد تم اهلاكك بدنياً تماماً
فتنام كالجثة ولا تريد شئ فى العالم غير ان يتركوك تنام حتي تستريح فقط
ذلك ايضاً كان من المستحيلات ، ربما فقط يوم الجمعة نتأخر بعض الشئ فى طابور النضافة ولكن تنام علي راحتك
وتستعيد نفسك وذهنك مجدداً ؟ أمجنون انت ؟ ( عبيط يالا ولا ايه  ، الكلام دا فى بيتكم هناك يا عسكري يا سكنلي) !
فيما بعد علمت ما كانت تعني " سكنلي " ، هي مزيج من الكسل واللامبالاه والاهمال واحيانا الانضباط ، كل ذلك فى كلمة واحدة ، فعلاً نحن كمصريين عظماء فى اللغة !
قضيت النصف الثاني من مركز التدريب  ثم بعدها طريق الترحيل الي الكتيبة التي ستقضي فيها مدة خدمتك كاملة ، اي ان كل ما سبق فى مركز التدريب كان مجرد افتتاحية !
طريق الترحيل تخلله توقفات عدة فى ثلاث اماكن ، كان اولها منطقة سيدي جابر ( قيادة المنطقة الشمالية ) وطبعا كان مشوار القطار من القاهرة الي الاسكندرية مرهقاً للغاية ، تحمل مخلتك علي ظهرك وكل شئ بشكل سريع وتعامل معاملة فلاح انفار فى ارض شركس باشا ايام حكم الوالي العثماني وان لم تفهم هذا يعني انك مجرد رقم علي الهامش ، بل ان ما ترتديه من ملابس عسكرية هي بلا شك اعلي قيمة منك من حيث المعاملة
قضينا اوقاتاً كنا بها بلا مسئولية حقيقة لا خدمة حتي انني كنت اهرب الي السطح واستجم ! ، وكان ذلك فى اللواء العاشر

ولنا لقاء اخر ...

20 يوليو 2019

مذكرات - ( نقطة البداية )


لم أعد كما انا، وأكثر ما يزعجني انقطاعي عن الكتابة فترة طويلة جعلتنى لا أعود كما كنت قديما ولا حتى أصبح بامكاني البحث عن فكرة، اصابنى الجمود، حاولت ولكن في كل مرة أشعر بكلماتي فاقدة الإلهام وانها مجرد كلمات فارغة!
جٌل ما اكتب عنه هو ما اشعر به داخل نفسي ، ربما افتقد للخصوصية فى كتاباتي بمعني ان اكتب بحرية دون وجود حد او خوف من ان شخص ما يقراً فلا يعجبه الكلام ، ان اكتب لنفسي فقط ومن اجل نفسي فقط ، لا داعي لتنسيق الكلمات او تنميق الجمل ، لا داعي اصلا لوجود شعور انني كاتب وان ما اكتبه مهم فهو ليس مهما علي الاطلاق
اكتب لنفسي وربما انسي اننى كتبته من الاساس بعد ذلك ، مجرد ضغط او زفير كاد يتحول الي اختناق من كثرة الكتمان داخلي
او لاني ذو شخصية انطوائية فلا احب احد ان يعلم اسراري او يفكر فيها من منظوره الخاص
كانت اول مرة يقرا لي احد ويهتم علي ما اتذكر فى منتدي اسرة كانت تدعي اسرة شبابنا ، كان لديها منتدي تحول فيما بعد الي جروب علي الفيس بوك ثم منه لمجلة فى الجامعة
بدء الناس هناك فى الاهتمام فى ما اكتب ، كان ذا معني ، او ربما فى تلك الحقبة من الزمن كان ذا معني ، او ربما لاشخاص فى بداية شبابهم الكلمات كانت  تبدو ذا معني
المهم اننى بدءت انشر فى منتديات اخري ايضاً واشتركت فى تلك المجلة ومن هنا صار ذلك الاحساس الاسود انني اكتب
نعم لدي موهبة ، الجميع شهد بذلك ، بالرغم من ان شخصيتي كانت بعيدة كل البعد عما يبدو عليه انسان يكتب مثل تلك الكلمات
لذلك كان من الطبيعي ان اشعر ان بي انفصام فى الشخصية وذلك موضوع آخر سأتطرق اليه لاحقاً
بعدها داومت علي ذلك واصبحت مشهوراً وسطهم وتمكنت من عمل صداقات بفضل ذلك ، للعلم فقط كنت اكتب منذ زمن طويل
ولكن كلها كان اخر طريقها مجرد اوراق اضعها فى درج المكتب وانتهي الامر
انتشار مواقع التواصل الاجتماعي افادني حقاً فى تلك الفترة وكان الجميع جديداً فى المجال وحماسة الشباب طبعاً ، لعلك لا تستطيع ان تتفهم مدي الامل والتفاؤل المسيطر فى نفسية كائن مثلي عما سيكون عليه المستقبل
لم اكن اعلم ان سينتهي بي الامر ان اعود مرة اخري لنقطة البداية . نقطة البداية صفر ولكن الفارق الان انه لا يوجد صوت صفير خارج من صفارة رجل يقف علي خط البداية  ينبئ بالانطلاق . 

السؤال هنا ، متي سأتمكن من الكتابة بحرية مثل السابق دون خوف او شعور بالثقل الرهيب ان اصبحت سلعة مستهلكة
متي سأبدأ بالاعتقاد بأن لدي الموهبة حقاً ، ان افكر ، ان اكتب واشعر بأن ما اكتب ذا قيمة دون مبالغة دون تفخيم فى امر ما لا يبدو علي حقيقته فعلاً وبلا غموض وبصدق  ، كلمات تصل لمن يقرأ ويفهم ويستفيد ، القلم هو سلاحي الوحيد في العالم 
انا اريد ان ... اعود ولكن لا اعلم كيف او بشكل اوضح  لم تعد لدي القدرة ان اعلم كيف . 

11 يوليو 2019

في روحي امل


في روحي امل يغلبه البكاء
 تمدد داخل الانسجة ، تكاتف علي الاعضاء
 تملك كل شئ حي بداخلي ، امل ولكنه بعيد ، يجئ ويذهب كـ نسمه هواء
 كـ قطرات مطر فى سنوات عجاف ، اراه بعيداً فأركض مسرعاً
ولكنه كمثل ظمآن فى الصحراء ، فى حقيقته سراب
 فى روحي امل يعيد اليٍ الانفاس
 بعد ضيق طويل ظننت بعدها ان الموت فيه  قريب
 موت تشكل فى هيئتي وابتسامتي التي بلا معني ، ولكنها تصبح حقيقة
 حين يدق قلبي ويتذكر ، قلبي الذي يأبي ان يقطع الارحام
 حين تسودّ الدنيا فى عيني لا اجد غير مناجاة خالقي وادعوه
 ان يجعل روحي دائما فيها الـ امل وان يجعل لي في الـ امل حياة .  



نتيجة بحث الصور عن امل

6 يوليو 2019

طبيب الارقام



صورة ذات صلة

يقول مثل انك لابد أن تتعري عندما تذهب الي اثنين الطبيب والمحاسب 
 لعل العلاقة بينهم هي انك عندما تخرج من عند المحاسب قد تذهب للطبيب! 
 بالرغم من أن الطب لا يقارن بأي مجال آخر لأنه متعلق بحياة الإنسان وموته
 وانه أيضا لا تشترط 
حياة المرء ان يكون معه نقود ولكن الأمر أن الحسابات
 هي عصب الحياة 
هي الجندي المجهول او قد تعتبرها المحرك الأساسي
 لكل هؤلاء البشر
 أو كلمه السر فى ذهاب المرء كل يوم الي العمل وانتظاره
اخر الشهر لأجله ، 
 حتى أصحاب المال  
الذين قد تراهم مرتاحين
 هم ربما أسوء منك حالا ، 
 أينعم لا يبدو عليه في الظاهر
 ولكن لأصدقك القول
 الدنيا ذاتها مظاهر وقد يقول امرئ 
لا حرج ان ابكي في قصر أملكه 
علي الا افرح في كهف صغير

 كل هذا وراءه شخص يري العالم علي هيئه أرقام، من أين تأتى ولاين تذهب 
ومن يستحق كم ولماذا ، ما يفعله يبنى عليه كل شيء، لذا كل شيء يجب أن يكون 
دقيقا صائبا لأن الخطأ لا يعنى انك هناك من يسامح او يصلح ، الخطأ يعنى كارثة
ليس فقط لأنك ظلمت أحدا في ماله بل لان ما تبنيه بعدها في عملك يكون خاطئا أيضا 
كأنك قمت ببناء منزل دون أن تعير اهتماما بالقواعد ولأن الخطأ ربما يجر وراءه 
اذيال القضايا والمحاكم وفي افضل الظروف فصلك من العمل ولن يشفع لك 
ان صارت النضارة اقل وضوحا مع الوقت والكثير من شعر الراس يتساقط 
 وتكثر علي وجهك علامات التهجم حتى يراك الناس كهلاً وانت ما زلت
 في مقتبل العمر، يصبح شعورك بليدا وتكتسب طباع العمل وتصبح شخص 
ذو شك في كل شيء

 لا تفكر كيفما يفكر الناس، لديك منظور اخر تماما ليس مكسب او خسارة فقط
 تنظر الي كل من يعملون حولك وتجد هناك حدا ذهنيا فاصلا بينك وبينهم
 لا يفهمون ما تفعل 
ولا تعيرهم اهتماما لما يفعلون  ، انت تري فقط أرقاما
 إن فكرت فيها جدياً  سيصيبك الهلع وخفقان في القلب إذا جال في ذهنك فقط
انها نقود حقيقية يمكنها ان تغير الكثير
 حينها ربما ستكره عالمك لان الأمر سيكون
من حصل علي كنز ولكن لا يمكنه التصرف 
في فلس واحد فيه، لا يقوي علي اخفاءه
 من أمامه وفي نفس الوقت لا يمكنه التحكم فيه  لذا في الأمر ربما تصبح ولو جزئيا
 مثل الطبيب هو فقط سبب ولكن لا يمكنه نجاة شخص أو راحته اذا أراد فقط
من داخله ولكن بدلا من البشر ارقاما
...




قسمات وجهك

  أحبك وكم احب قسمات وجهك ، تشعرني بان شيئاً داخلي قد فر ، وقد ملكتيه انتِ   شيء يدعي القلب لم أعبئ اين ذهب بل بالأحرى اين استقر ، هناك   ...