31 مارس 2017

( كن مثل حكم المباراة )





حكم المباراة ، الرجل الوحيد الحيادى فى ظل ربما اللالاف من البشر المتواجدين فى استاد المباراة ، لا يهتم بمن يفوز او من يخسر ، يلعب دوراً محورياً فى سير المباراة وبالرغم من ذلك لا احد يعرفه قبل المباراة ولن يهتم أحد بمعرفته بعدها ، حتى انك ربما تعلم مصطلحات كرة القدم مثلاُ باللغة الانجليزية بحكم متابعتك للكرة العالمية ولكن الغالبية قد لا تعرف معنى حكم المباراة بتلك اللغة ! ( معناها (REFEREE، الا انه طوال المباراة ذاتها يدور محور اللعب حول ما يقرر ، هو الذى بيده مجريات الامور الفعلية ، دعك من اللاعبين والمديرين الفنيين لان لن يحتسب شيئاً الا من خلال حكم المباراة ، مهما كنت تعتقد او ترى فلا رأى الا رأيه ، يذهب جميع اللاعبين إليه بدافع الرجاء او الاحتجاج قد لا تجدى الاولى نفعاً اما الثانية فيعقبها كارت اصفر فى الغالب لذلك هم يخشونه ايضاً

يكاد يكون الشخص الوحيد الذى يستحق الاحترام فى الملعب ، ليس لانه مثلا جدير بالاحترام بالنسبة إليهم بل لان مصيرهم مرتبط برفع كارت من جيبه وصفارة فى فمه وإشارة من يده ، يحبونه من يشجع الفريق المنتصر ، ويطلقون افواههم بالسباب لمن يشجع الفريق الخاسر ، يسقط قلوب الملايين فى لحظة قراره بين احتساب هدف او الغاءه ، يراه الجميع مثل الرجل الحديدى الذى لا يجب ان يخطئ او يسهو ، طوال التسعين دقيقة لا يرمش له جفن ، الوحيد الذى لا يركض وراء الكرة ، كان يرتدى فى الماضى اللون الاسود ، ربما لانه اللون الذى لم يكن يرتديه اللاعبين مثلا او ربما لان من يراه يظنه متشائماً عند رؤيته لانه فى نظر الجميع هو من يفسد متعة كرة القدم بصفارته ، ولكنه فى الحقيقة هو من اكثر المظلومين فى المستطيل الاخضر ، انه ليس لاعباً محترفاً يتوق الجميع لرؤيته ، وليس بحارس المرمى المنقذ ، ليس بالمدافع الذى يكسر احلام المهاجمين وليس بالمهاجم الذى يشعر المدافعين بعجزهم ، انه فقط حكم المباراة ! ، ليس متقيداً بسن معين للاعتزال ، ليس مضطراً بأن يدلى بتصريحاته قبل المباراة وبعدها ، انه فقط يؤدى ما عليه ويذهب ، ربما لن تتذكره مرة آخرى اذا رجعت بشريط الذكريات لمباراة ما ، الا انه من وجهه نظرى المتواضعة هو اهم شخص فى عالم المستديرة

هذا الشخص يتحمل الكثير ، وعليه مسئوليات ليس كتلك حتى التى على عاتق مدير فنى لفريق عريق يسعى للفوز ببطولة كبرى ، انه القائد والمسئول عن المباراة وسلامة اللاعبين والمراقب لكل شئ يحدث والقاضى لاى لاعب يخطئ بل لاى فرد يتحرك داخل ارضية الملعب وخارجها وصولاُ الى دكة الاحتياط والجلاد لكل من لا يحترم قوانين اللعبة ، هو كل هؤلاء فى نفس الوقت ، بين حدوث الفعل والقرار مجرد ثوانى لا تشعر بها ، يتعرض للاهانة كثيراً وهو يعلم ذلك ولا يبالى ، جرب ان تكون مثله تشاهد لاعبون يركضون بسرعات فائقة مع كرة قدم تمر كالطيف لانه لا يرى تلك الاعادة البطيئة التى نشاهدها نحن ، عليك ان تنظر جيداً وتنتبه الى ما يفعله اللاعب تجاه زميله فى الملعب وتنتبه كذلك لمن حوله ، لا يمكنك ان تشرد بتفكيرك لحظة واحدة ، ففى تلك اللحظة قد يحدث شئ يقرر مصير المباراة بل والبطولة بأكملها ، تخيل بطولة ما تدار على مدار العام وفى تلك اللحظة الفارقة بعدم تركيز منك تضيع مجهود فريق قضى من عمره عاماً من الزمن وليس الوقت فقط بل الجهد والطموح والفرح والمجد ، ستقول انها مجرد مباراة ولاعبون يركضون ما التعب فى امر كهذا ؟! ، بالطبع لن تعرف لانك فقط تشاهد مستريحاً مسترخياً فى المقهى او فى البيت ولست تركض على الاقل بعض الكيلومترات فى دقائق معدودة والمطلوب منك وقتها ان تكون بكامل وعيك وتركيزك ، ان تتجنب الاصطدام او فقدان السيطرة على اللاعبين الذى لم يفترض ان جميعهم مهذبون مطيعون لما تقول ، او الا يحدث شئ مثلا يجعل ملعب المباراة اشبه بحلبة مصارعة !

تتفهم ان الجميع عندما يخسر يجعلونك شماعة لاخطائهم ورغم ذلك لا تخرج وتقول مثلا انهم يستحقون الهزيمة وان ما فعلته كان صائباً ، لا لانه ببساطة ليس من ضمن صلاحيات حكم المباراة ولكن لانه اذا قام بالرد بعد كل مباراة فلن ينتهى الجدال ابداً ! ، هو فقط يقوم بعمله بصبر وتأنى وكفاءة ، يقرر ما يراه مناسباً دون تحيز قدر ما يستطيع ، هناك امور حتى فى الاعادة تصبح محتاراً فى حكمها ، بالرغم ان جميع من فى الملعب قد يخطئون ويغفر لهم الجميع الا انه الشخص الوحيد الذى لا يغفر له ابداً اذا قام بخطأ واحد ، معتمدين انه ليس بشراً انما آله تعمل ، وانه يعلم الصواب حتماً فى كل نفس يتنفسه اللاعبين ، هو الجندى المجهول الذى يؤثر فى الاحداث ولكن لا احد يعرفه او يهتم لأمره فيما بعد ، لن يظهر غداً فى الصحف الا عندما يخطئ ، وليس لانه فعل الصواب ، وعندما تتحدث دائماً عنه فغالب الامر سيكون عما اقترفه من اخطاء وليس عما اذا كان قد أدار المباراة بشكل صحيح او بكفاءه عاليه ، انه الشخص الذى اعتبر عمله قدوة فى الحياة ونهج نسير عليه ، كما ان الحياة مثل عمله تماماً وان لم تعرف كيف ، فأرجوك قم بقراءه الموضوع مرة اخرى . 
 
 


قسمات وجهك

  أحبك وكم احب قسمات وجهك ، تشعرني بان شيئاً داخلي قد فر ، وقد ملكتيه انتِ   شيء يدعي القلب لم أعبئ اين ذهب بل بالأحرى اين استقر ، هناك   ...