30 أكتوبر 2019

نانسي 2 " حادثة القط الابيض "



عندما وًلدت  لم اكن اري او استوعب حتي اى شئ غير امرين  هم فقط كل ما كنت احتاج اليه خلال تلك الفترة
 حاسة الشم وحاسة اللمس ، كل منا له رائحة ولعل ذلك هو ما يميزنا عن بعضنا البعض وحتي يتأنى
 لكل هر " قط "  فينا ان يعرف طريقه عندما يجوع ويقم بالتوجه الي ثدي الام دون تدافع ونؤذي بعضنا البعض
 كانت الام توفر لنا الرضاعة والدفء
 وكانت تنظفنا بنفسها ، حيث لم تكن  حواسنا  او اداركنا لاي شئ قد نمى بعد
 كنا لا نعرف معني الخوف او الحذر كمثل اي طفل رضيع مازال يحبو اولي خطواته واكتشافه للعالم ، قد يضع يده
 علي اي شئ ملتهب دون ان يدري او يقع فى حفرة عميقة ، او يصطدم بأي شئ دون وعي ،  لذلك فقد كانت الام
تحتوينا طوال الوقت وفي نفس ذلك الوقت كانت تبحث عن الطعام لنفسها حتي تستطيع ارضاعنا بعد ذلك
 الا ان ذلك لم يكن كافيا ليبقي علي حياتنا جميعاً  !

كان قطاً ابيض ، لا اعلم من اين جاء ، هو كان سميناً للغاية فراءه سميك نسبياً و نظراته مخيفة وكان يصدر منه
مواء عدواني وكأننا اخذنا شئ منه ليس من حقنا  ، فور ما رأت الام ذلك القط اسرعت بحمل كل منا علي حدة
من رقبتنا من الاعلي وقد كانت خائفة للغاية ان يقترب منا او يمسنا بسوء ، ولكن كان اخي الصغير الوحيد
الذي لم تستطع الام ان تجلبه للداخل ،  فقد اقترب القط كثيراً وظلت واقفة الند للند معه ، لا يقوي احد علي خدش الاخر
 ورغم ذلك يصدرون لبعضهم مواءً مخيفاً وكأنهم يوجهون السباب لبعض البعض ، ظلّ أخوتي بالداخل مترقبين
عودة امي فى اي وقت ، وقد جاءت بالفعل ولكن كان في فمها اخي الذي كان متبقياً فى الخارج  وهو مبتل تماماً
 وفي حالة اعياء كامل وكان وقد رحل القط الابيض بعيداً جداً منذ فترة قصيرة ، ولكن مالذي حدث ؟!

اخي الصغير كان من النوع الفضولي للغاية ، أينعم جميعنا كذلك ولكنه كان اكثر منا بقليل ، قد تعتبرها شجاعة
ولكنه حتي كان لا يدرك معني تلك الكلمة بعد ، هو اراد ان يعبر الطريق ، طريق صغير عبارة عن مجري مياه بالنسبة للبشر
 تمت تغطيته وعمل ماسورة صغيرة بدلا منه فيما بعد وذلك حينما رأي ذلك الرجل تلك الحادثة مصادفةً وهو يدخن سيجارة
 من شرفة منزله ، اخي لم يتراجع ، ظل يمشي متعثراً بوجهه البرئ الذي يوحي بالتيه ذو العيون الواسعة المليئة
 بحب استطلاع كل شئ دون حذر ، اراد ان يشم وكانت تلك طريقتنا فى بداية معرفة اي شئ من خلال  الرائحة
 بمجرد ادراكها جيداً وستظل عالقة دائماً فى اذهاننا للتعرف عليها فيما بعد ، ادق التفاصيل المنبعثة من ذلك الشئ
لدينا القدرة علي معرفتها ، ولكنه كان صغيراً ولم يجرب المياة من قبل او بالاحري لم يكن يعرفها ، فالقطط لا تحب المياة
 ولا تحب الغوص فيها ، وهنا ادرك اخي معني الخوف حينما لم يستطع التعرف عليها او التعامل معها  ولسوء الحظ
 حدث له انزلاق فقد كانت التربه طينية واظافره  القصيرة لم تسعفه بالتعلق بحافة ذلك الطريق وما نخشاه قد وقع
 انزلق اخي ووقع فى المياة فى حالة ذعر ومواء شديد ، وجرفت به المياة بعيداً علي طول المجري
ولكن ذلك لم يكن اسؤأ ما حدث

مجري المياة كان ولابد ان تكون نهايته جرف ، جرف بسيط يمكن القفز من عليه بسهوله ولكن ذلك بالنسبة الي انسان
 او قطة مثل والدتي بلغت من العمر والمهارة ان تقفز من ادوار عليا دون ان يصيبها اذي ، ولكن بالنسبة لقط صغير
لم يتجاوز عمره شهراً بعد فذلك يعد انتحاراً ، لم يستطع اخي ان يظفر باي شئ يتعلق به ، جرفته المياة والحقت به
 سقوطاً مدوياً سمعت منه مواء مازال عالقاً فى ذاكرتي الي الان ، مواء ينبئ بعظام قد تحطمت !
اسرعت امي للحاق به فور ان انزلق فى المياة ، وكانت تعلم نهايته ، فتلك المنطقة عاشت فيها منذ فترة ،  صرخت بصغيرها
وقفزت الي السور المجاور وظلت تهرول فيه حتي وصلت لنهايته ومن ثم قفزت مرة اخري ولكن كان اخي قد سقط
 المصيبة لم تنتهي بعد ، فجأة ظهر من العدم جسداً عملاق  كنت اراه هكذا ، لم اعرف ماهيته
 لو كان ذلك القط الابيض عدوانياً فهو لا يقارن بما رأيت ! ، حيوان ما كشر عن انياب يسيل منها لعاب مٌقرف
 وصوت وحده كافياً ليدب الذعر فى محيط مساحته كيلومترات ، لماذا لم نسمع صوت له من قبل  ؟ لا ادري
  وكأنت ملامحه مزيج من السرور والغضب فى وقت واحد ، صار ينبح كثيراً وبدرجة جعلت امي مترددة فى حمل صغيرها
 فهي كانت مرتعبة للغاية وكلن غريزة الام جعلتها ثابته تحاول بأي طريقه ان تنجو وفي نفس الوقت انقاذ ذلك البرئ الصغير
فى تلك اللحظة كنت قد وصلت لهناك  باحثة عن امي واخي فأدار وجهه فجأة ناحيتي فأسرعت امي بحمل الصغير بغته
 وحينيذ ادار رأسه وجسده بالكامل ناحيتها مرة اخري بحركة سريعة وادركت انا وامي بالغريزة بعد التقاء اعيننا للحظة
من الزمن ان مجزرة ما ستحدث لنا هنا !

فى تلك اللحظة وجدت ذلك الرجل يركض وفي يده حجراً كبيراً يصوبه ناحية ذلك الحيوان المفترس وهو يلعن ويسب
ما لذ وطاب من الكلمات  ، هرب ذلك الحيوان بعيداً ومازال ينبح مما استفز الرجل اكثر فقام برمي حجراً اخر له
 اصابه تلك المرة فركض ذلك الحيوان بعيداً هذه المرة واخرس لسانه  ، فى غصون ذلك كانت امي تموء بشده علي صغيرها
 اخذت تشم وتستطلع ان كان مازال حياً ام لا ، حملته بفمها والحقت بها الي البيت ( تحت سلم المنزل )
 وجعلت تحركه تاره يمني وتارة يسري ولكنه لم يكن يتجاوب ، وفجأة وجدت ذلك الرجل قد أتي
وجلب معه طبق بلاستيكياً ملئ باللبن ، خشيت امي علينا فوقفت امامنا فى محاولة لصده عنا  وقد ادرك ذلك
وعندما رأي الصغير متمدداً علي جانب لا يتحرك تمتم ببعض الكلمات ثم التف صاعداً السلم مرة اخري

فى منتصف الليل ، توفي اخي ، بعد محاولات من امي لتدفئته وارضاعه ، ولكن كل ذلك لم يحسن من الوضع شيئاً
 حزنت امي عليه بشده وظلت تموء طوال الليل  مواءً لم اسمعه من قبل منها ، وحاولت ان اغفو بجانبها
وحينئذ تذكرت ذلك الحيوان المفترس فسألتها عنه ، ترددت فى الاجابة قليلاً ونظرت شاردة ناحية الباب وقالت
 " انه عدونا اللدود يا صغيرتي ، عدو يرانا كما نري هؤلاء الجرذان معدومي القيمة  " فسألتها
ومن هم الجزذان معدومي القيمة " وكانت تلك اول مرة اتعرف عليهم فيها فعادت  بوجهها واجابت ناظرة الينا جميعاً
 " غداً ستعلمون "   . 





29 أكتوبر 2019

قصة قصيرة جداً


 اليوم  تكتمل  الارض دورانها حول نفسها 29 خريفاً فى حياتي
 ورغم ذلك  فقد فقدت الشعور بذلك الدوران بعد رحيلها تماماً

نهاية القصة ...  

27 أكتوبر 2019

نانسي

احب الهدوء الشديد ، الهدوء الذي يجعلك تشعر بذرات الهواء المتطايرة حولك ولكن لان جنس البشر اوغاد بطبيعتهم فعندما تكون بمفردك فى تلك الحالة  ويغلب عليك طابع النوم ( ليس نوماً  فعلياً لانني لا انام مثلما هم يفعلون )  وفي اى مكان اتمدد فيه اجد ذلك التطفل والمباغتة  الغير مبرر  وتلك الضحكة الصفراء المشمئزة  منهم ، حقاً انهم اوغاد ، لماذا لا يتركوني وشأني ؟ لا ادري ، هذا ربما يكون عندهم شيئاً من المتعة !!
لهذا فقد اصبح الطابع الغالب عندما اراهم يصير بالركض بعيداً تفادياً لاي تصرف محتمل منهم وفي نهاية اليوم اذهب لتلك المنطقة الامنة  والتي لم يأت اليها احد منذ وقت طويل جداً وفي نهاية اليوم وهو بالنسبة لي ليس شرطاً عندما تغرب الشمس اذهب للنوم بعدما اتعلم ذلك الدرس القاسي والذي لا اتعلم منه ابداً  وهو عندما اقرر ان انام يستحسن الا يكون فى مناطق يدب فيها اقدام البشر  ، ولكن احياناً فى مرات قليلة فى الصباح اظل نائمة هناك ولا يزعجني احد وذلك بعدما اراهم مسرعين الي اعمالهم ،  بعدها يكون ذلك الوقت مناسب فعلاً  حيث اتمتع بحرارة الشمس قليلاً حتي اشعر بأن الاشعة صارت حارة اكثر  ثم اقوم بتنظيف نفسي جيداً وتبدأ رحلة البحث عن الطعام  ، وعلي سيرة  الطعام ، القضية التي آسرت حياتي كلها ، والتي يمكنني ان اترك اي شئ مهما كان غالياً لاحصل عليه ، يمكنني القتال مع اي هر اذا فكر دخول منطقتي  ، الطعام  موجود فى كل مكان ولكن فقط عليّ ان اسعي لأخذه  فهو فى العادة يتحرك بحرص واعلم اين اجده دائماً والمضحك فى الامر ان البشر يخشونه ، كان من الاولي ان يخشوني انا لانه عندما يراني يتصلب مكانه من الرعب ،  لا يكون سهلاً طبعاً اصطياده دائما ولكن تتبع الحواس بدقة  واكتساب المهارة فى كل فرصة يزاداد  ، وبالطبع اكون ممتنة كثيراً لهؤلاء الذين يقدمون لي طعاماً اخر جاهزاً  بالرغم من انه مجرد بقايا او فتات متبقي من طعامهم ( اقصد البشر طبعاً ) .  

اريد ان اقدم نفسي لكم  ، انا نانسي ، لا لست فتاة ولكني هرة  واعلم ان ذلك الااسم يطلق فى العادة علي جنس النساء من البشر  ولانني هرة او قطة كما باللهجة الدارجة ينطقونها ،  يسعي البشر عادةً ان يطلقون اسمائهم علي اى شئ يمتلكونه وكنوع من الالفة فقد سٌمِيت بهذا الاسم ، والغريب ان البعض منهم يطلقون اسم " قطة "  علي بعض من النساء خاصتهم تيمناً باللطف او المظهر الجميل ، قد يرونا متشابهين ربما واعتقد ان لديهم الحق فى ذلك نوعاً ما ،  ولكن لماذا لا يطلقون الاسماء بمسمياتها الحقيقية وينتهي الامر بدلاً من تلك اللخبطة ؟ لا ادري الحقيقة ، ربما لديهم نوع من الخيال ليس لدينا نحن فى قبائل الهررة ، فالبشر بحكم تعاملي معهم مختلفون عن بعضهم بالرغم من ان مظاهرهم وعاداتهم واحدة  ليسوا مثلنا ، ما نبيت عليه نصبح فيه

فصيلتي هي  الماو المصرية ، نوع لطيف المظهر الي حد ما ليس كالشيرازي طبعاً ولكنه يتميز بألوانه الجذابة ( من وجهة نظري المتواضعة للغاية   فليس بنا اي غرور ! ) ، فراُئنا ليس طويل الشعر ولا قصير جداً  ولكن يمكنك ان تراه كأنه رسمة لفنان من العصور الوسطي او حتي قبل ذلك ، تموج فى شكل الالوان وكأن هذا الفراء تم تلوينه اولاً ثم ارديته بعد ذلك ! ، سبحان الخالق
لم اولد فى بيت وسط البشر ، اولاد خالتي هم الذين ولدو هناك وكنت قريبة من ذلك انا ايضاً الا ان والدتي قررت المضي بنا الي منطقة منعزلة عن البشر ، فقد كانت تخاف منهم بشدة ، ولغريزة الامومة لديها قررت الا تصاحب اختها بعد ذلك حتي تلد ، لانها رأتها فى كل مرة تريد الخروج يمنعها اصحابها بتعنت صريح رغم كثرة المواء ،   ومن ثم انقطعت الاخبار من ذلك اليوم ، لا ادري هل والدتي ذهبت الي هناك فيما بعد ام لا ، وهل لي اخوة منها انجبتهم فيما بعد ،  ولكن كطبيعة الهررة فبعد شهر واحد من الرضاعة وحتي يتكمل نمو الحواس لدينا والتي تفوق حواس البشر كثيراً جداً والتي هي اساسية للطعام ولتجنب الخطر ، هجرت والدتي وانطلقت ، و كنا اربعة قطط ولم يتبقي الا انا فقط منهم بعد حوالي 6 اشهر من التجوال واكتشاف العالم ، اما لماذا لم يتبقي الا انا فتلك حكاية طويلة علي الاقل بالنسبة الينا ولكن ربما لدي البشر هي عمر طفل صغير لم يبدأ بعد بالكلام .. 


22 أكتوبر 2019

اقتباس

خسارتك لشخص تحبه تجعلك تفقد مذاق الحياة
تصبح حياة بلا طعم ولا رائحة وألوانها جميعها باهتة تميل للسواد
الرحيل وحدة قادر على تحطيم صناديق الألوان الزاهية
التي حاولت أن تجمعها كل يوم لتلون حياة احدهم
فيرحل هو ويتركك وسط حطام الصناديق
                                                 
                                                  رواية ( مالك ) - محمود بكري


2 أكتوبر 2019

منذ وقت قريب

صورة ذات صلة

منذ وقت قريب  ، كنت لا اري الدنيا من منظور هؤلاء البشر الذين يتكلمون دائما عن الحياة مليئة بالمعاناة
 او هؤلاء الراضون بما هم عليه ولا يفكرون حتي فى تغير اى شئ ، او فقط من يبحثون عن اشياء بعينها
تمثل حياتهم بلا تغيير ، الان بدءت اري ان الدنيا ليست كما كنت انظر اليها ، لعلي كنت ادرك ذلك
ولكن كان هناك شيئا يعطيني الصبر والتحمل والتحدي ، كان هناك حلم اسعي لتحقيقه يوماً
 كان مازال فى القلب بعضاً من الوقود بينما حالياً لم يعد للاسف ذلك الشئ موجود ، فقد اختفي فى لمح البصر
وتركني اتعامل مع الحياة بواقعية تجعلك تنهزم من اقل خدش يصيبك ، بلا اى حائط صد او حتي دفاع
يمكنه التصدي قليلاً ، فقط تشعر طوال الوقت انك فى صحراء وعليك اكمال الطريق وحدك بلا اي مؤن
 تسير وتسير وتسير
 ان توقفت سيكون هلاكك حتيماً بينما تحرك قدميك لعلك فى وقت ما ستري شئ أخر
تعلمت الا اثق ، لا اثق فى اى شئ ، فما فى يديك بعد ان تغلق عينيك لبرهة ربما لا تجده ، لذا فهي الواقعية البحتة
ان لاشئ غير انك ستظل تسير فى تلك الصحراء وحدك ، لا ادري أيتم تسمية ذلك اكتئاب وفقدان للثقة
ام ماذا يدعونه بالظبط ، ولكني لم افقد الامل فى الله يوماً لاني لا استطيع ، صرت فقط احيا مثل هؤلاء البشر
علي نمط روتيني متكرر بلا اى نظرة بعيدة لمستقبل اخر ، تركت الخيال وتركت التفكير فى العالم بمنظور مختلف
كما كنت سابقاً فقد انضممت الي نادي البشر الذين يعيشون ويموتون وكأنهم يوماً لم يأتوا من قبل وكأنهم يوماً  ذهبوا
علي اي حال  انا لست محبطاً ولكن الواقع ان بإمكانياتي تلك يبدوا انني لن اغير شيئاً فى الحياة كما كنت اظن
 او انني سأحظي من الدنيا بمعاملة خاصة كما كان لدي ،  ويبدوا ان الحقيقة هي تلك  ، بطعمها المر ، بقسوتها
التي فطرتني وشطرتني نصفين نصف خارجي حي للناس ونصف فى الداخل خواء
 ان تري حقيقة وضعك افضل من الحياة فى وهم  ، انا فقط  ....  لم يعد لدي طاقة لهزائم اخري . 

قسمات وجهك

  أحبك وكم احب قسمات وجهك ، تشعرني بان شيئاً داخلي قد فر ، وقد ملكتيه انتِ   شيء يدعي القلب لم أعبئ اين ذهب بل بالأحرى اين استقر ، هناك   ...