22 نوفمبر 2020

فاسيلي و ليودميلا

 

اذا كان هناك محاولة للعودة بالزمن سوف أعود الي ليلة السادس والعشرين من أبريل عام ثمانية وستون
تحديداً  مع بداية الوردية الليلية ، لكي نفعل اي شئ مهما كانت خطورته لأ جعل من يعمل في المنطقة الرابعة
من مفاعل تشرنوبل يتوقف عما ينوي القيام به ليلتها
وأظن ان العالم اجمع سيوافق معي علي ذلك و للمرة الاولي حرفيا سيتمنى العالم ان يبذل العلماء أقصي جهد
لتحقيق إمكانية العودة  بالزمن ولا تكون مجرد نظريات وفرضيات تعرض علي الملأ ويتسلم صاحبها جائزة نوبل
هناك سوف نحصل علي شيء أقيم  ، أرواح الالاف من الأبرياء
رجال الإطفاء كانوا  مع أول من ذهب الي حريق المفاعل دون أن يدَرّي احد منهم انه ليس حريق عادي
 ذهبوا من غير فهم ما يدور ،  ذهبوا ليقعوا في الحصار ، حصار لا فكاك منه ، والاسوأ انك لا تدري انه حصاراً
من الأساس  شيء غير مرئي وغير محسوس ، وحش يدعي المواد المشعة التى تمكنت منهم كما يتمكن الأسد
من رقاب فريسته  دون أن تدرك وتعي ماذا سيحدث !

خير دليل علي ذلك مدينة بريبيات والتي كانت مأوي من يعمل في المفاعل ، زوجاتهم وأطفالهم
وحيواناتهم الاليفة وذكرياتهم  مدينة كاملة لا تحتاج ان تخرج منها ، وكانت من احدي المدن
التى تم انشاؤها حديثالتكون بجانب المشاريع القومية كـ تشرنوبل ولكنها الان صارت مجرد.. ليس حطام
فكل شي بها كما عليه ولكن دون أي روح أو حياة، يسكنها شي واحد فقط
هو المسيطر علي جميع الأشياء هناك، شي انطلق من قلب مفاعل منفجر، خرج ليري العالم قوته وليجعلهم
يدركون انه ليست أداة لرفاهية الإنسان دون أن تعمل له ألف حساب، مارد، شيطان، لن يقدر عليه اهل الأرض
اذا خرج من محبسهوسيظل هناك لمئات وربما آلاف السنوات
وتلك المدة في عمر الإنسانية تعنى كلمه واحدة، الأبد!

من احد الضحايا كان رجل الإطفاء فاسيلي وزوجته ليودميلا ، ربما هي لم تستوعب حجم المصيبة
التى حلت بها عندما غادر فاسيلي لاداء عمله ، كانت تظن كالآخرين انه مجرد عمل سيؤديه بعد منتصف الليل
كحال رجاء الإطفاء ، لا يوجد وقت محدد لعملهم حيث توجد الحرائق والكوارث هم يذهبون  
هي وكثيرين غيرها استقرت بهم رحلة العذاب تلك في مدينة كييف شارع تشرنوبل وتم تسميته كذلك
لان من سكنوا فيه علي غرار لوميدا  كانوا من ضحايا الكارثة، ضحايا أحياء كان الموت بالنسبة إليهم وقتئذ
ارحم من الحياة

وكان قدر الإخلاص و  الوفاء علي قد الكارثة ، ان كان لهما  درجات فى ترتيب الجدول الدروي لقلت انه مساوي
لتلك المواد الإشعاعية التي انطلقت من قلب المفاعل ، كان قد  انطلق ايضاً الإخلاص والوفاء  من قلبها

هل كان يخطر علي بالها أن هناك شخص عربي سيهتم بالكتابه عنها بعد أربعة وثلاثون عاماً في زمن اخر
لثقافه اخري ولكن ذلك الاحساس الرهيب  التي عاشته حينها قد انتقل  مع كل تلك السنوات للقلوب مصحوبا بمرارة
لكل من يقرأ عنه  وأعتقد أن بعد مائة عام من الان سيكون هناك مازال من يكتب اذا شاء ربي
وظل العالم لتلك السنوات قائم


تلك الفتاة التي لم يكن يتعدي عمرها ثلاث وعشرون عاما عندما وقعت الكارثة
ولم تكن تدري انها ليست كارثة نووياً فقط
بل امتدت لتشمل كوارث نفسية واسرية ايضاً
 
ليودميلا تعد رمزا علي حياة من عانوا وشهدوا الكارثة تتحقق وليس بيد اي احد في العالم ان يوقفها
خسرت الزوج والحبيب ثم خسرت طفلتها ومعهم روحها وعقلها وكل شي حتى صارت تعيش فقط للتنفس
نجت بأعجوبة قد لا يصدقها خبير في العلوم الذرية و اكبر أطباء العالم  من انها تفادت إشعاعات
تقوم بذوبان أي كائن حي وتصهره من الداخل كما تفعل الحمم اذا سقط بها شيء

بالرغم من تحذيرات الممرضين لها الا انها تشبثت بزوجها حتي اخر نفس خرج منه ولم يعد

زوجها فاسيلي ذلك الرجل الذي كان مبتغي حياته ان يكون مزارعا ولكنه التحق بالخدمة العسكرية
وتخصص في قسم الإطفاء وبعد انتهاء الخدمة أصر علي ان يشق طريقه فى ذلك المجال
ماتبقي من حياته
بالنسبة اليه كان ذلك شئ رائع ان تعمل فى مدينة كامله حديثة بجانب مشروع قومي للطاقة النووية
بالنسبة لمزارع بسيط هذا طموح يجعل اهل قريته ينظرون اليه بفخر شديد ، ويذكرني  ذلك بحال معظمنا
من سكان القري الذين قرروا الا يكملوا حياتهم فى تلك البقعه عديمة الطموح
وان يتنازلوا عن الراحة
والهدوء الظاهريين هناك وان يخوضوا غمار الحياة مهما واجهتهم من مشكلات


فى الحقيقه كان محظوظا بها ، تلك التي احبته كثيرا لدرجة انها لم تكن تلوي انتباهاَ ولا خشية لما أصابه
  بالرغم من ابتعاد جميع الناس عنه الا انها ظلت بجانبه وتعرضت للإشعاعات
ولكنها لم تكن تكترث بحياتها ولا بما ينتظرها يجعلك ذلك تتسآل...
هل مازال هناك حباً لهذه الدرجة في هذا العالم الان ؟!

 Chernobyl: Was firefighter Vasily Ignatenko a real person? | TV & Radio |  Showbiz & TV | Express.co.uk

 

 

قسمات وجهك

  أحبك وكم احب قسمات وجهك ، تشعرني بان شيئاً داخلي قد فر ، وقد ملكتيه انتِ   شيء يدعي القلب لم أعبئ اين ذهب بل بالأحرى اين استقر ، هناك   ...