2 أغسطس 2013

طىّ الذاكرة


رغم نشأتى فى بيئة ريفية الا ان علاقتى ظلت محدودة بها سنوات طويله
تجعلنى حتى الان قد لا ادرى ما يفعل الاجير عندما يقوم بالزراعه فى اراضينا
تربيت على نشأة مدنية ولك ان تتخيل ذلك فى مجتمع ريفى لتدرك حجم التناقض
فى التعاملات وفى وجهات النظر وفى التمرد على بعض العادات التى اراها كلام فارغ !
كنت اتكلم بلغة يطلقون عليها "البندر"
وان كنت لا تعلمها فهى فقط اختلاف فى بعض مخارج الحروف مثل حرف الجيم والقاف
تستبدل بجيم اخرى اقرب الى الكاف نسبياً والقاف الى الف
حتى ان السخرية بلغت فى كل محاولة للكلام بإبتسامة مضمونها اننى شخص "طرى" !!
وبالمقابل كنت اراهم بالطبع فى كل مرة مجموعة من المتخلفين عقلياً
الذين لا يرون ولا يعلّقون ولا يتصدرون الا على الهيافه وقله العقل
عندما كنت اتكلم مثلا فى موضوع مهم اجد واحدا او اثنين من ضمن عشرة على الاقل
يمكنهم استيعاب ما اقول ولا ينتبهون كيف اتكلم بأكثر مما عن ماذا اتكلم ..
عزز ذلك من اجواء الوحدة حيث لم ارتبط بصداقة الا مع صديق دراستى
والذى هو جارى ايضاً والذى نشأنا سوياً حتى مرحلة الجامعة
كنت اتمنى ان يخرج ابى من ذلك المجتمع وكان على استعداد
ولكن شئياً ما جعله يستقر هنا ويكمل حياته وكانت من ضمن تلك الاسباب "جدتى"
وبعد ان توفاها الله كانت اسباب اخرى قد يكون من ضمنها ان الوقت فات على ترك المكان
علاقاتنا اصبحت اكثر واشغالنا هنا صارت اعمق
ويمكن فى وقت لاحق اقوم انا بالمغادرة الى ما اريد الذهاب اليهم
ومضت السنوات تلو السنوات بالمواقف والاحداث التى تأثرت بها وأثرت فيها بوجودى
المكان صار عزيزاً على نفسى تركه بسهوله
حتى ذلك البيت الذى لم اطيقه فى الماضى اتشدد الان فى عدم بيعه لاحد
وذلك لانه يمثل لى فترات عمرى وذكرياتى التى مازال بعضها فى ذاكرتى الى الان ..
من المفترض ان ننتقل فى غصون سنه او اكثر حسب ما هو مخطط له
ولا اعلم كيف سيبدوا حالى عندما اترك ذلك البيت
واشعر ان عشرون عاماً قد مضت فى لمح البصر
بينما الان وبعد ان ثبتت جذورى بشكل نسبى فى ذلك المجتمع اصبحت اذهب نحو اراضينا
واشارك فى الزراعه ولو فقط بالاشراف كما سأشارك غداً فى جمع محصول ما وانا صائم
ولا ادرى كيف سيمضى اليوم ولكن لا بد ان اتحمّل
 فهى ارضى  وارض ابى واخى ومن قبل كانت ارض اجدادى
فليساعدنى الله فى العمل فى جو مثل هذا واتمنى الا ادرك التعب فيه مبكراً ....



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عنوان بلا عنوان

  مرهق للغاية، اشعر بالتوتر والخوف ، وكأن ثقل كبير علي راسي وجسدي، الوقت ضيق، دايما ليس هناك متسع لفعل ما يجب ، او مساحة للتعبير بحرية ، لا ...