10 نوفمبر 2019

نانسي 4 " الفخ "


طبيعة المنطقة التي اعيش فيها ريفية ، مساحات شاسعة من الاراضي الخضراء وبيوت بسيطة واماكن هادئة ليلاً
 وحتي نهاراً  ، هم يتمركزون فى منطقة بجانب بعضهم البعض وغالباً ما تكون علي طرق تكون نهايتها رؤوس
 المدينة ، الناس بسطاء للغاية ، حيوانات اخري كثيرة تشاركنا الحياة هنا ، علاقتهم بالبشر علاقة عمل اكثر من كونها اُلفه ، يعلمون بالتعود ماذا سيفعلون منذ بداية اليوم حتي نهايته ، خاصة ذلك الحيوان الذي يدعي " الحمار " مغلوب علي امره دائماً وكان من الصعب الا تجده حينما تذهب الناس صباحاً علي تلك الاراضي الخضراء الشاسعة التي قد لا تري نهايةً لها علي مد البصر ، يركبونه ويجعلونه يحمل ما لا يطيق واذا لم يقم بالتنفيذ ينهالون عليه ضرباً بالسواط حتي يتحرك ويفعل ما يؤمر به ، ذلك الحيوان بالرغم من كل ذلك له قيمة عالية للغاية ومتوفر له الكثير من العناية سواء فى المبيت او فى الطعام ، ومن هنا كانت اولي افكاري عن البشر انهم لا يقتربون من حيواناً الا بغرض مصلحة ما وانه غالباً سيعاني كثيراً معهم ، وويلاً لمن لا ينفذ كلامهم او لا يعجبهم ، واذا كنت مريضاً ولا يعرفون كيف يعالجونك فمصيرك الذبح ! ، لذلك لم اكن احب مرافقة بشري ابداً خلال ذلك الوقت خصوصاُ هؤلاء الناس والذي يبدوا انهم يعانون فى حياتهم من الاساس فكيف سيبحثون علي راحتك وهم انفسهم غير مرتاحين .

ما علينا ، دعنا نركز علي صاحبنا ، انا اراقب كل شئ معظم الوقت ، اذهب الي سطوح احدي البيوت المقابله لذلك الكلب ، تحت اشعة الشمس الدافئة اقوم بتنظيف نفسي واخذ قيلولتي المفضلة الي ان تكون الشمس فى كبد السماء وتزداد حرارة الجو ،  وفي تلك الفترة كان صاحبنا فى الغالب راقداً امام البيت  ، ولكني لاحظت ان هناك بعض المرات التي يتم فيها فك وثاقه ويتحرك مع صاحبه ، احياناً يفقد صاحبه السيطره عليه عندما يجد طعاماً او يري فريسه وضع تحت جمله يري فريسه مائة خط ، لان ذلك هو الفخ !
انتظرت اليوم المناسب ، امي كانت بعيده الي حد ما فى القريه المجاورة واخوتي كانوا نائمين وذلك بعد عملياتنا الصباحية التي صارت روتين يومي باصطياد الفئران ، بحكم الخبرة امي كانت ترشدنا فقط للمكان وتنتظر فى الخارج  نقوم نحن بالدخول والبحث والاصطياد ، نراقب جيداً ، نتحرك بحذر ، نستمع بحرص بالغ ، ونشم ببراعة منقطة النظير  بالنسبة لي انا اقوم بإتباع المثل القائل فى التأني السلامة والعجلة الندامة ، مشكلتنا فى الاصطياد دائماً اننا لا نستيطع التركيز علي شيئان فى وقت واحد ، لذلك قبل القفز علي الفريسة ادرس المكان جيداً من حيث ضمان عدم وجود عائق لي  او مهرب للفئران ، وهكذا اقوم بالاصطياد وانا مطمئنة ، حين يراني الفأر يقف مزعوراً ويشل تفكيره ، ثم لغباءه المعتاد يتحرك بهستريا وهنا تأتي امتع اللحظات ، يصبح جزء من الثانية هو الفارق بين حياته وموته ، اخوتي ليسوا بنفس البراعة ولم اجهد نفسي بمرافقتهم لانهم احياناً تحركاتهم تلفت انتباه الفريسة وتجعلهم يهربون سريعاً ، خاصة وان ليس الفئران فقط هم فرائسنا الوحيده بل هناك ماهم اسرع منهم ولديهم قرون استشعار ، اقل حركة قد حتي لا ينتبه لها شخص عادي هم يشعرون بها .
بعد ذلك بعد ان تخرج الناس وتصبح البيوت شبه فارغة اذهب الي ذلك السطوح ، كان هناك ورشة بالقرب من البيت الذي يحرسه صاحبنا علي الدوام ، لا ادري تخصصها بالظبط ، احياناً تقوم بتصليح بوابات واحياناً سيارات واحيانا اخري تقوم بصناعة بعض الاشياء الاخري التي يستخدمها البشر للطهو وخلافه ، المهم ان تلك الورشة صاحبها لا يحب الكلاب ابداً وقد رأيت ذلك فى كل مرة يقترب فيها اي حيوان ولاحظت ان الكلاب بشكل خاص يقوم بنهرهم بشدة
بينما نحن القطط لا نمثل تهديداً له الا فقط عندما نقوم باللعب فى الاجهزة او الاشياء الخاصة بالعمل له حسب قوله ، لاننا في الحقيقة لا نلعب بل نستكشف ، وذلك يتطلب ان نقترب ونشمشم ونشعر ونسمع ، وهو لا يطيق اصلا ان يلمس اي احد اي شئ في ورشته الخاصة ، لذلك حين تريد ان تكسب الود منه فعليك بالابتعاد عن تلك الاشياء  ، حسناً ذلك ما فعلت ، قضيت اياماً ذهاباً واياباً لديه حتي صار وجودي لا يمثل مشكله لديه وتأكدت انه لن يقوم بإيذائي عندما اكون معه ، بل احياناً بعد الغذاء يقوم برمي بقايا الطعام لي ، ورغم انني لم اكن احب ذلك الطعام كثيراً الا انني اصطنعت الاهتمام والاكل بنهم حتي يظن انني اذهب اليه لذلك الامر وحتي لا يشعر ابدا انني مصدر تهديد بل قطة اليفة مسكينة تبحث عن طعام ،  اذا فالخطوة الاولي قد نجحت

اما الخطوة الثانية كانت استدارج ذلك الفتي المدلل صاحبنا ، اثناء فك وثاقه قمت بالنزول من علي السطح وظهرت له وحالما تذكرني   كشر عن انيابه ، قمت بالسير بهدوء بشكل مستفز له وكان بيني وبينه طريق يمر عليه السيارات وكنت علي استعداد فى اي وقت للركض بعيداً اذا افلت من يد صاحبه ، بقيت قليلاً علي هدءت حركة السيارات ثم اختفيت وصبحت وراءه حتي صار علي مقربه من الورشة وهناك قمت بالظهور مرة اخري بشكل اكثر استفزازاً من المرة الاولي ، حتي انني تجرأت وقمت بالمواء الشديد عليه كند للند ، وفي تلك اللحظة طفح الكيل منه وصار ينبح بشده وافلت من يد صاحبه وقام بالركض خلفي ، قمت علي الفور بالتوجه الي الورشة وكان ذلك ساعة العصر حيث لم يكن العمل كثيراً هناك مما جعل صاحبنا يتجرأ ويدخل ورائي الي الورشة وحينئذ ظهر صاحب الورشة وهو منفعل بشدة من الفوضي التي عمت المكان فقام برمي اداة من الحديد يطلقون عليها شاكوش وكانت ساخنة من كثرة الطرق بها علي الحديد ، هم صاحبنا بالركض بعيداً بعد تلك الصدمة وهو يعوي بشدة من الالم ، فقمت بالظهور له مجدداً علي قارعة الطريق ، وكان ذلك متزامناً مع وجود سيارة كانت معروفة فى القرية بأنها تنشر دخاناً كثيفاً ولكنه ليس دخان
بل كان شئ اشبه بالمبيد الحشري ، فأصبح الجو ضبابياً فاسرعت فى عبور الطريق وبحركة سريعة قمت بضربه علي اذنيه بحوافري وقفزت من عليه باقدامي الاخري علي سلم احد البيوت الذي كان عالياً يصل الي الدور الثاني مباشرة وهناك قفزت مرة اخري علي البلكونة وحدث هذا كله وهو يعوي بشدة ويبحث فى كل مكان حوله عني وعندما وصلت الي البلكونة قمت بالمواء له بسخرية فظل ينبح ويعوي حتي اتاه صاحبه وضربه هو الاخر وسحبه معه الي البيت مرة اخري بعد ان وجد عتاباً من الجيران علي تلك الفوضي التي احدثها ذلك الكلب ، وكانت تلك اول مناورة افعلها فى حياتي وكنت مسرورة للغاية لانني قد نجحت دون خسائر ولكني لم اكن اعلم انها ستكلف حياة احد اخوتي فيما بعد ! . 



صورة










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قسمات وجهك

  أحبك وكم احب قسمات وجهك ، تشعرني بان شيئاً داخلي قد فر ، وقد ملكتيه انتِ   شيء يدعي القلب لم أعبئ اين ذهب بل بالأحرى اين استقر ، هناك   ...