24 نوفمبر 2019

داخل الكتيبة - مذكرات




حالة الجيش فى السلم  معاكسة تماماً لحالته فى الحرب ، دائماً لابد من وجود شعور سائد بالخطر والاستعداد من اجله
والا اذا تراخي الجنود فستحدث مصادمات عديدة ومشكلات من اهمها فى راي هو ذلك الشعور الغير محبب عندما تكون داخل كتيبة ، جل ما تفعله فيها هو تنفيذ اوامر تراها فى مجملها ليست هي التي ستؤدي للانتصار فى حرب او تعزيز روح القتال مثلا ، فى حالة الحرب يكون الجندي مطيعاً لاي امر ايا كان لان فى حسبانه ان ذلك الامر اذا تمت مخالفته او التباطؤ فى تنفيده سيؤدي الي كارثة علي باقي الافراد فى الكتيبة ، بينما فى حالة السلم اذا تباطئت فى تنفيذ امر ما فاقصي ما سيحدث هو انزعاج من اعطي الامر ، لذلك احياناً كثيرة عندما كنا نكلف بعمل ما فنقوم بعمله ولكن ليس بالسرعة المطلوبة
وذلك لعلمنا مسبقاً ان حينما تنتهي سيتم تكليفك بعمل اضافي اخر وهذا ما لم نكن نتحمله .

للاسف الشديد الجيوش فى حالة السلم ، خاصة عندما تكون وظيفة الكتيبة ميدانية اكثر فإنها تفقد عنصراً مهماً فى وجودها
وهو التدريب اليومي الذي يجعلك دائماُ فى حالة استعداد ، لم نكن مشاة وفي نفس الوقت مدفعية ، بل استطلاع مدفعية
وحتي الان كما قلت سابقاً لم اكن ادري ماذا من واجبي ان افعل بالظبط ؟! ، كانت معداتنا يعتبر خفيفة ومحفوظة فى المستودعات بشكل دائم ، لا تخرج الا قليلاً جداً ، وربما لم تأتي الفرصة ابداً ليقم ظابط او ظابط صف بتعلمنا كيفية استخدام تلك المعدات ، لذلك كنت اري دائما اننا فى الكتيبة اقرب الي المشاة ، كنت اري الدبابات والمدرعات فى الكتائب المجاورة
وكانت احدي امنياتي ان اكون في احداهم ، بالطبع صيانتها وتنظيفها مهلكة للبدن ولكن كنت اشعر بمتعة عند تخيلي فيها
علي الاقل لن اكون مجرد عسكري يقف خدمة طوال اليوم ممسكاً بسلاح ليس به رصاصة واحدة علي مكان متأكد جداً من عدم وجود اي شخص يجرؤ علي التقرب منه من مسافة حتي ، ستسأل لماذا ؟ الجواب بسيط جداً  لاننا فى صحراء !

كتيبتي بداخل قيادة الفرقة وفي العمق وليست علي الطريق ، هناك لواء بجانب الطرق كان مدرع وتابع لتلك الفرقة ثم البوابة التي يقوم بحراستها كلاً من افراد الامن والشرطة العسكرية ، وذلك بالطبع غير هؤلاء الذين يجوبون الطرق ليلاً ونقاط المراقبة اي ان ببساطة اذا قررت نملة ان تجازف بدخول تلك المعسكرات فستكون قد جنت علي اهلها  براقش !
ثم لماذا الوقوف خدمة بسلاح ليس به ذخيرة ، افتراض مثلاً ( مثلا يعني ) جاء عدو ماذا يفترض بي فعله حينئذ
ثم اذا كنت غير مؤهل للوقوف خدمة بذخيرة لماذا اذاً نقف خدمة من الاساس ؟!  سأجيب عن ذلك ايضاً ولكن لا اعلم اذا كانت اجابتي ستكون مقنعة ام لا فى الحقيقة ، احياناً تحدث حالة انتحار او اخطاء ينتج عنها ربما ضغط نفسي لدي الجندي
وهذا ربما يحدث بنسبة قليلة جداً فى الواقع لان خلال الخدمة سوف تعتاد تلك الحياة ولكن ايضاً ربما الجندي قد ذاق الويلات ممن هم اعلي رتبه منه ولم يتحصل علي اجازة منذ وقت طويل فتصيبه تلك الحالة .. ربما ، والسبب الاخر هو شعور الجندي اثناء الخدمة بالملل فيضطر لتجربة السلاح الذي فى يده من باب ملئ ذلك الفراغ وبسبب عدم الخبرة
 او النسيان يقوم بإطلاق رصاصة طائشة قد تحدث مشكلة عظيمة حينئذ ، شخصياً كنت افعل ذلك ، كنت اود ان اجرب شعور الجندي عندما يتم وضع السلاح فى حالة الاطلاق ، بالطبع فى عدم وجود اي ذخيرة ، وعندما جاءت الاوامر فيما بعد لاحقاً بضرورة تعزيز جندي الخدمة بالذخيرة الحية ، همّت يدي لفعل ذلك ولكني امنتعت واعطيت امراً صارماً لنفسي الا افعل ذلك مرة اخري ابداً ، كنا نفعل ذلك فقط عندما تقوم بتسليم السلاح لفرد الخدمة الذي يليك وذلك للتأكد من استلام كل شئ كاملاً  لان اذا تسلمت الخدمة وهناك شئ ولو صغير ناقص ستسأل عنه انت وليس من سبقك بالخدمة ، وهذا والله اعلم

المختصر المفيد ايها السادة ، ان بدون تدريب واضح المسار او وظيفة تملئ وقتك داخل الجيش فستصبح كمن خرج فى رحلة الي صحراء وتاه وسط الرمال ، تقوم بعمل ما يطلب منك ليس لان ما يطلب ذو اهمية فى نظرك بل لكي يمضي وقتك بسلام دون ازعاج من احد ، ستصبح ايامك عد تنازلي للاجازة القادمة ولانتهاء فترة الخدمة لديك بشكل عام
سيصبح طابور الصباح والصفا والانتباه نوع من الروتين الملل يومياً ، اوقات الخدمة هي اوقات عذاب ليس بدنياً بل لقلة الراحة فيها والملل والفراغ الذي تشعر به اذا كنت فى مكان ضرورة الخدمة فيه من باب القوانين العسكرية المفروضة علي كل وحدة فى الجيش والتي فى حالة مشروع الحرب يتقلص عدد جنود الخدمة ليصبح ربما فرد او فردين حياتهما داخل الكتيبة عبارة عن تبادل فترات الخدمة بينهم فقط ! ، هذا بشكل عام اما يحدث بين الجنود بعضهم البعض
 فربما الحديث عنه لاحقاً ... 


               ØµÙˆØ±Ø© ذات صلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عنوان بلا عنوان

  مرهق للغاية، اشعر بالتوتر والخوف ، وكأن ثقل كبير علي راسي وجسدي، الوقت ضيق، دايما ليس هناك متسع لفعل ما يجب ، او مساحة للتعبير بحرية ، لا ...