20 أغسطس 2019

مذكرات - الحمًام

واخيرا انتقلنا .. اينعم بعد مرار طافح ، ولكن انتقلنا ، كان يملؤني الحماس والخوف فى ان واحد ، كنت اتشوق الي معرفة الكتيبة التي سأحظي بالتواجد بها طوال فترة الخدمة ولكن المشكلة اننا كنا فى الليل ولم اكن اري جيداً  ،  كنت لا ارتدي النضارة لانها كانت قد  تحطمت تماماً  ، كان هناك عين اري بها علي الاقل فى السابق وكنت اشبه القرصان عندما ارتديها اري بعين ولا اري بالاخري ، وكنت اضطر لذلك حينما اريد رؤية شي لا اعرفه
 اما بقية الاشياء فكنت قد حفظت المعسكر ( مركز التدريب )  حينذاك عن ظهر قلب ، لان نفس كل شئ حدث امس
 يحدث اليوم  يحدث غدا ، ( اللي نبات بيه نصبح فيه )  


قبل ذلك تم تبليغنا اخيراً ونحن فى اللواء العاشر ان اتوبيس الكتيبة قد جاء  ، ولك ان تتخيل الفرحة ، اخيراً سوف اذهب لأكون عسكري اساسي وليس عسكري ترحيل ، ولكن لحسن الحظ لم يكن هناك مكان لبعض العساكر وكنت واحداً منهم
 لماذا حسن الحظ ؟ لانني علمت ممن سبقونا فيما بعد انهم قاموا بعمل ( التشريفة )  لهم فى ذلك اليوم !

والتشريفة بإختصار هي عادة عسكرية بين الظباط وصف الظباط وبين العساكر ، وذلك بأن  يأمروا الجنود بأن تقوم
بجهد جبار فى الزحف والركض وحمل المخلة والجري بها مسافات طويلة ، واي شئ اخر مهلك للبدن قد يخطر علي بالهم 
 ( بهدلة يعني ) ،  يمكنك تسميته كنوع من الاستقبال ، ولكنه استقبال كمن حاصرك فى كمين واوسع بك ضرباً ..

حكي لي احد الجنود ان الصول ( فلان ) جعلهم يحملون المخلة والي عمارة السكن صعوداً وهبوطاً ، بخلاف ان
ذلك الصول ( فلان ) هو من الاساس كلما يأتي تشعر بأننا قلتنا له قريب ما  فيقوم بالانتقام فقط لمجرد رؤيتنا ، بل الابتسامة فقط او التأخر ثواني معدودة عن فعل اى شئ يأمرك به حتي وان كان لك العذر فى ذلك هو درب من الجنون بالنسبة اليك لانك ستدفع ثمنها غالياً ليس وقتها فحسب بل طالما انت باقِ وتتنفس علي ارض الكتيبة ، والمستفز فى الامر انه كان قصيراً وبديناً ،  يجعلك تحتار وتتسآل ،  كيف كان يوماً عريفاً فى العسكرية منذ زمن طويل ، هل كانوا يقبلون اى احد او ربما كانت الواسطة لها دور ، ام ان لديه قدرات خارقة تظهر في اوقات الغضب  !! ، لا ادري ، هو فقط كان شيئاً يسير علي الارض ولا تدري من اين يظهر ، ربما ذلك حقاً كانت احدي قدراته الخارقة !
لم يكن فى الكتيبة احد يحبه  من الجنود ، ولا اعتقد ايضاً من الصف ضباط الا اللهم من هم علي شاكلته ، وبالرغم من ذلك كان يشاع انه فى النهاية طيب القلب ، اي انه قد يقوم بإذلالك حقاً ولكن لا يقوم بعمل اورنيك ذنب فيك

كان الطريق طويلاً جداً ، وكلما طالت المسافة كلما كان ذلك اسؤأ ، لان طريق العودة اثناء الاجازة سيكون طويلاً اكثر
كل تلك المسافة وانت في اتوبيس او ميكروباص يسير متوجهاً خط مستقيم الي الكتيبة ومن لواء هو من الاساس بعيد عن مكان اقامتك ، فكيف اذاً فى المواصلات ؟ كم سيارة ستضطر  ان تقلها حتي تصل ؟ ناهيك عن المسافة التي ستقطعها علي قدميك !

حاولت النوم فى المكروباص ولكن لان المخلة ثقيلة فكنت اشعر بان قدماي ... لا لم اكن اشعر بهما
 ذلك هو الوصف المثالي ! ، مثلما حدث حينما كنت متوجهاً من القاهره الي الاسكندرية فى القطار تقريباً
كان الحلم بأن اخيراً سأجد مكاناً لن اضطر الي مغاردته الا بعد وقت طويل ، وسرير سأنام عليه ودولاب سأضع به تلك
التي بليت بها والتي تدعي المخلة وامتعتي الخاصة وسأسير واتحرك فقط بالزي العسكري و امممم .... السلاح !

المنطقة كانت تدعي الحمام ، نعم ما خطر فى بالك هو ما خطر فى بالي ايضاً عندما سمعتها لاول مرة !
 لك ان تتخيل ان ذلك هو فعلاً اسم المنطقة التي يوجد بها كتيبتي والتي كانت جزء من كتائب القيادة للفرقة الثالثة مشاة ميكانيكي ، لم نكن تابعين للواء بعينه بل للفرقة ذاتها واين ؟ فى القيادة ، هل تعلم ماذا يعني ذلك
ان قائد الفرقة بذاته كان يحضر الطابور والتدريب الصباحي  ومن الممكن ان يمر عليك او يراك فى اى وقت
هل تعلم ماهو اسؤا شئ للجندي ؟ ان يكون طوال الوقت يشعر بأنه فى خطر داهم خشية ان يفعل او لا يفعل اى شئ ليس من المفترض علي الجندي عمله ، خاصةُ وان كنت تشعر بان ليس هناك راحة تحظي بها وتضطر اليها والا ستموت من التعب
 وان الوقت يمر مثل سلحفاة قررت ان تسافر الي قارة اخري ! 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عنوان بلا عنوان

  مرهق للغاية، اشعر بالتوتر والخوف ، وكأن ثقل كبير علي راسي وجسدي، الوقت ضيق، دايما ليس هناك متسع لفعل ما يجب ، او مساحة للتعبير بحرية ، لا ...