15 ديسمبر 2013

وداعاً يا مصطفى




مصطفى ، صبى صغير ،لم يبلغ حتى سن الشباب بعد و لم اكن اتصور ان ساكتب عنه يوماً
  وان كان ذلك اليوم هو يوم فراقه !!
ليس بينى وبينه اى علاقة سوى انه فرد من افراد المنطقة التى اسكن بها
لم تجمعنى به صداقة ذات يوم ، الا اننى تأثرت كثيراً برحيله ، خاصة مشهد فراقه الى الابد
اعاد الى ذاكرتى صديق لى منذ اعوام توفى فى حادث مشابه وكانت ليلته مثل تلك الليله
يعم بها ذلك السكون الذى لا تشعر  به الا عندما تتذكر حقيقة الحياة

كان يعمل حلاقاً ، بدأ اولى خطواته باستقلاله صالوناً لنفسه ، كان ينوى العمل فى احدى المزارع
ومن اجرها يفتتح ذلك الصالون ، ولكن اراده الله حالت دون ذلك
منذ خمسة ايام اثناء انطلاقه مهرولاً بدراجته النارية ، اصطدم حسبما سمعت بالاتوبيس
ولم يعد فى جسده شئ سليم ، كان الحادث قوياً ادى فيما بعد الى اضطرارهم لقطع احدى ساقيه
 ولكنه لم يتحمل بعد ذلك وفارق الحياة
كانت الدموع فى قلبى لا تتوقف ، وكان شهيقى من المشهد فى ازدياد ، وسط الزحام والصراخ والعويل
ليست المصيبه فى مفارقته الحياة ، فــكلنا لها ، انما فى وداعه صغيراً وهو حتى لم يدخل دنيا
 ولم يبدءها من الاساس ،
الاب والام وهم يرون ابنهما الذى خرجا به من الدنيا امام اعينهم فى الكفن
يحمل على الاكتاف ، كـــــــــــل  دموع الدنيا ، كــــــــــل الام الحياة لا تسوى ما بداخلهم
 ولا يمكن وصف شعورهــــــــم فى بحر من الكلمات ..

الموت فى لحظة ، فى اقل من اللحظة ، عندما تتخيل انه من الممكن ان يكون الدور القادم هو انت
لعلك حينها تنسى كل الاحزان التى مررت بها ، وتتضاءل حجم الهموم لتصير كالعدم
وتتقبل الحقيقة القائلة ، ان الناس يوماً سيجتمعون حولك على اكتافهم ثم يسيرون بإتجاه مثواك الاخير
وبعد يومين ، قل ثلاثة وربما اكثر  وربما اقل سينسى الناس ، وتعود الحياة مثلما كانت وكأنك لم تكن

اين اذاً هى الحياة ؟ ، وما هو المقدار اللازم للشقاء من اجلها ؟! ، ومالذى جنبناه سوى الشقاء لانفسنا
 عندما تتقبل تلك الحقيقة سترى انها لا شئ  ، لا شئ يقارن بتلك اللحظات التى تودع فيها احدهم
 كان بينك وبينه على الاقل ذات يوم محادثة فيها  بضع كلمات !!
انا لله وانا اليه راجعون ..  رحمك الله يا مصطفى وجعل مثواك الجنة .. اللهم آمين


هناك تعليقان (2):

  1. فكرتني بصديق ليا رحل من أربعين يوم تقريبا .. الشخص ده كان أخ وأستاذ في الماضي لحد من تلات سنين حصل موقف خذلني فيه فانطويت على نفسي وقررت إني مش هاعاتبه عليه وبعدت عنه تماما بس فضل جوايا احترام كبير ليه .. كنت باقدره عشان كان مثال للشخص الساعي للخير والإصلاح والإعمار.. لحد ما عرفت إنه عمل حادثة .. دعيت له من قلبي ربنا يشفيه لكن إرادة ربنا كانت فوق الدعاء.. مات وأخد معاه جزء من روحي جزء كان شايف إن لسه فيه أمل حقيقي طول ما الشخص ده موجود .. وبرغم إني رجعت لدوامة حياتي تاني لكن حاسة بفجوة في روحي وبرغم إني رجعت أحارب في الدنيا تاني عشان كان ده أهم مبدأ ليه إن الإنسان ما يقفش عن العمل والإخلاص لكن دايما باسأل نفسي وإيه الفايدة .. بس لحد دلوقت مش لاقية إجابة وما أظنش إني هالاقي ! :-(

    ردحذف
    الردود
    1. هو فعلا قالك الفايدة انه خلاكى تتمسكى بمبدأ .. رغم انه توفى بس اثره لسه موجود . وهى دى الفايدة
      اللى هايجى بعد منك ومنى ومن الجيل دا كله .. هايلاقى ايه مننا ينفعه ويكمل بيه ، دا السؤال ونفس الوقت الاجابه


      شكراً لحضرتك جداً .. نورتى المدونة :) :)

      حذف

عنوان بلا عنوان

  مرهق للغاية، اشعر بالتوتر والخوف ، وكأن ثقل كبير علي راسي وجسدي، الوقت ضيق، دايما ليس هناك متسع لفعل ما يجب ، او مساحة للتعبير بحرية ، لا ...