10 يناير 2022

جزء من الذكريات

 احد الايام عندما كنت صبيا ذهبت مع والدتي الي مستشفي اظن انها كانت للاورام او ما شابه بدمنهور،. اه اعتقد انها كانت تدعي ابو الريش، وكنت مندهشا من ازدحام المكان وامتلاءه بالحياة وانا الذي كنت اظن ان بعد كوبري المستشفي العام لن اجد شئ، كانما تتخيل انها ستكون عباره عن اسلاك شائكة ونقطة عبور ولكن تجلي لي انني كنت مخطئا وان هناك شارع طويل ملئ بالتاكسيات والميكروباصات الصغيرة والتي تسمي تمنايه وكنت اتسال في عقلي الباطن لماذا هذا الاسم؟!، اظنها لسبب بسيط، لانها تحتوي علي ثمانية افراد رغم ان الواقع انها كانت تحتوي علي اكثر من ذلك

احيانا اثنين في الامام بجانب السائق وثلاث او اربع ف ظهره ومثلهم أمامهم ثم مثلهم بالكرسي الاخير، هذا والا ستظل واقفه بانتظار اي راكب جديد، وتظل المشكلة الكبري عندما يكون الراكب امراة فجميع الأدوار ستقلب، بدلا من جلوسك في مكان مريح ستضطر آسفا لتحمل الطريق بمطباطه العجيبة وقويه التأثير بقاع المخيخ والشعور بالدوران ناهيك عن رائحة العادم والذي تشعر انها تخرج من بيينا نحن الركاب وليس من الشكمان خارج السيارة وطبعا طبعا رائحة العرق والانفاس!
ما علينا ، المهم انني وصلت للمستشفي مع والدتي تقريبا لاخد عينه من مكان ما ليتم الفحص ومعرفة ان كانت مصابه بفيرس سي ام لا والكشف بالطبع، ما اثار انتباهي ان المكان لا يبدو مستشفي بل اقرب الي شركة تم تاسيسها بالسبيعينات مثلا والتي بها شباك واسع وهناك موظفين يقضون المصالح بينما المواطنين واقفين طابور طويل ينتظر كل منهم ان يأتي دوره وبالتاكيد ذلك لم يحدث بل كان كل امرئ متكالب علي الاخر يحاول ان يصل للشباك لقطع ورقه ما تذهب بها الي الاعلي وتستخدم مهاراتك ف الصوت وتحريك جسدك المرن وسط الزحام ومحاوله الوصول لموظف الشباك وتقنعه باي طريقه كانت وحتي ان كانت عن طريق تلاقي عينيه فجأه عليك فيقرر بجزء من الثانيه ان يحصل منك المال ويعطيك الورقة لتفلت هاربا وتصعد ناظرا لاولئك المساكين نظرة مصحوبة بالشفقة والنجاة في نفس الوقت
كان هناك اسانسيرا وصعدت مره فيه لاري كيف هو من داخله كنوع من الفضول ، جعلني ذلك ادرك بعدها ان صعود السلم افضل!
كان الغريب في الامر كله والذي لم تستطع ذاكرتي معالجته الي الان انه كان معي كتاب ما لا ادري من اين اخدته وكيف وقع في يدي، هل أعطاه لي احد من المارة او اشتريته ام ماذا لا اتذكر، هو فقط ما اتذكره انه كان معي
ذلك الكتاب كان الإنجيل، ولا ادري هل هو الذي بالكنائس ام لا وهل اصلا هناك نسخ متعدده منه ام كتاب واحد المهم انني في صالة الانتظار والتي كانت تعج بالناس رجالا ونساء واطفال علي وجوههم دايما نفس البؤس الذي هو فينا من تحمل كل هذه الزحام والمرمطة لاجل كشف كهذا ثمنه ليس غاليا او لانها المستشفي الاقرب والوحيدة بالمكان
ما كان غريبا هو انا، صبيا يحمل كتاب ويقرأ، هل تمزح؟ هنا؟ بل والاعجب ان الناس كانوا ينظرون لي بنظرة المتعجب من رؤية شئ لا يراه كل يوم
ظللت لوقت طويل معتقدا ان تلك النظرة لانني اقرا كتاب في وسط لا اعتقد ان الكثير منهم ربما قرأ شئ غير جريدة او مجلة بشكل عابر او كتب مدرسية ذهبت للروبابكيا في صيف نفس العام
هكذا كنت اظن، بعدما كبرت بوقت طويل جاء ني تفكير عابر انه ربما كانت النظرة لشئ اخر
ليست القراءه بحد ذاتها ولكن لانني كنت اقرا الإنجيل، نعم انا لماح وذكي لا تخدعك المظاهر!
لا اعرف لماذا شعرت في لحظات شعور ذلك الشخص المختلف عن الجميع اختلافا لا يراه الناس تميزا
هم يرونه غير معتاد ممزوجا بالغرابة مثلما تقع عينيك علي شخص يرتدي زي بحار وليس هناك اي بحار حولك ولا حتى فلوكه وتتعجب كيف استقر به الحال هناك متجولا بهذا الزي
لم يحدث شئ بالطبع ربما سألني احد ولكن لا أعتقد كان من بجانبي فضوليا ولكنه لم يجرؤ علي السؤال
نعم اعرف، ولن يسال بالتاكيد، ربما كان سيسأل حقا لو انتبه انني لم اكن ادق صليبا بذراعي
حينها سيسال، خصوصا ان نادتني امي باسمي والذي بالطبع ليس مسيحيا او حتي قبطيا او يمت لاسرة الفرعونية التاسعه حتي من قريب او بعيد، بمجرد سماع الاسم سيدرك انني مسلم
المهم انني قرأت وقرأت وكنت اقرا وكاني اقرا رواية ولكنها ليست رواية، اعني ان الاحداث لم تلهم عن قصة يجب ان تكملها لكي تتصاعد الاحداث ولكن من يروي يروي ما حدث، بالطبع انا لا اتذكر كلمه ولكن اتذكر انطباعات كإنطباع الرواية مثلا، بعض من السطور كانت تجعل عقلي تلقائيا يفكر ليس فيما قرأته ولكن بعلاقته وتشابهه احيانا بما علمناه من ثقافتنا الاسلاميه وسطور اخري بالطبع لا تتشابه، ما ادركته ان هناك اختلافا كبيرا في طريقه السرد بين الإنجيل والقراءن، ربما المعني والمغزي يتشابه احيانا فقط، اما السرد فشتان، ربما تلك السطور هي كانت لذكر قصة تاريخيه ما وكان الله عز وجل دايما يدعي بالرب ، كل ما تذكرته حقيقة هي نظرات الذهول من حولي او ربما كنت اظن ذلك
كنت مجرد صبي يحب ان يقضي اوقات الانتظار في قراءه ما يقع تحت يده حينها حتي ينتهي الوقت
في النهاية انا حقا لا اتذكر من اين اتي واين ذهب هذا الكتاب بعد ذلك، حقا لا ادري ما كنت اخشاه واعصابي متلهبة لاجله هو ان تظهر نتيجه التحاليل بعد ذلك اليوم المرهق من الانتظار بغير ما نرجو..







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قسمات وجهك

  أحبك وكم احب قسمات وجهك ، تشعرني بان شيئاً داخلي قد فر ، وقد ملكتيه انتِ   شيء يدعي القلب لم أعبئ اين ذهب بل بالأحرى اين استقر ، هناك   ...