7 أبريل 2019

عوداً احمدٌ .. ربما !





لا اعرف كيف ابدأ ، ولا اعرف لطريقي نهاية ، كل ما اراه روتين متكرر فى كل شئ ، وكأني لا اكبر ابداً ، وكان كل شئ مكتوب ان يعاد تجربته من جديد بطريقة او باخري ، سواء كنت بين اهلك واحبائك او سواء كنت فى غربة موحشه تقضي علي الاخضر واليابس ، كل ما اراه انى قد وصلت لمرحلة فى حياتي لا استطيع الرجوع بعدها للوراء ، ليتني استطيع ، كنت علي الاقل رجعت بالزمن للوراء عدة سنوات قليلة فقط فى مراحلي الاولي من عشرينيات عمري والذي فى اخرها الان بالمناسبة  ، كنت استطعت ان انقذ مما يمكن انقاذه والذي يؤلمني الان بمسافة لا اري حدوداً لها .
توقفت عن الكتابة ردحاً من الزمن ليس بقليل علي شخص كانت الكتابة هى الحياة الاخري التي يعيشها ، بدءت وانا مراهق ، اشياء بسيطة علي ورق ولكنها كانت بمثابة الحلم الذي سينفطر قلبي بتحقيقه  ، لم تكن جيدة  بمنظوري قرائتي لها الان ولكن كانت توحي بولادة كاتب واعد ، سيغير عالم الكتابة والقراءة ! ، سوف يصبح مثل من يقرأ لهم ، شهرة وقدوة وحظ فى قلوب الناس والتاريخ الادبي ، اتذكر الرواية الاولي التي اعجبت بها ، كان اسمها " فريتيجو " كان البطل  يشبه لحد ما شخصيتي ، كانت من الروايات التي كان بمثابة الحلم الذي اسعي لكتابة رواية مثلها جعلت من شخص مثلي يقراؤها عدة مرات بل ويشتريها ورقياً بالرغم من حفظه لها سابقاً .
اشعر الان ان عودتي للكتابة ربما تفتح طريقاً لي لاري النور واشم رائحة الحياة ومعانيها واستشعرها في قلبي مرة اخري ، قلبي المسكين الذي بدأ يقتنع كلياً بعدم جدواه الا ليضخ الدماء فى العروق فقط ، ولكن فى نفس الوقت اشعر بأن الامر لن يغير شئ ،مجرد هراء يكتَب ومحاولة بائسة لزج الالم فى الكلمات والتخلص منه ، ولكنى لست محترفاً او حتي مبتدئاً ، وطريقي ربما يكون اطول من طول خط الاستواء ! ، واعمق من اخر نقطة فى المحيط ، سأموت ويأتي اجيال بعدي ولن يتعرف عليّ احد ، ربما شعوري هذ  قد يكون حالة مؤقتة وربما الاكثر احتمالا ان يستمر للأبد
مثلما قلت لا اعرف كيف ابدأ ، ولا اتكلم عن ماذا ؟ دعوني اتحدث قليلاً عن  مشاعري ، عما يحدث داخلي ، عن الحياة حولي  ،  عن شخص ما كان يعد الحياة بالنسبة لي ثم فى يوم وليله اختفي واختفي معه كل شئ ، حتى اننى حتي هذه اللحظة لا يزال عقلي لا يدرك ما الذي حدث ! ، سطور قليلة فقط انتصرت علي مئات السطور الاخري التى كانت تنفي فكرة الابتعاد قبلها بوقت قليل للغاية !، أيعقل ان حياة بأكملها بالرغم انه مازال كل شئ كما عليه ظاهرياً تشعر بأنها انقلبت رأساً علي عقب ، وان كل شئ كنت تراه من منظور السعادة صار الماً وحزناُ وغماً بقدر ما كان مقدار البهجه منه ، كل ليله كنت اتمني ان اذرف الدموع التى ظلت محبوسه من وقتها والتي كنت اعتقد انها ستنهي حالة الذهول وطعم المرارة فى فمي ، وقد حدث فعلاً  ولكن من ذرف الدموع فقط، لم أتمالك نفسي وانفجرت عيناي واعتصر قلبي ، حينها ذهبت للصلاه ، كانت فى الحقيقه صلاة  فائته منذ ايام وكلما اقبل علي صلاتها شيئاً يلهيني و لم ادرك وقتئذ طريقاً غير الصلاة والبكاء ، بكاء كالطفل الصغير الذي فقد امه ، او الاب الذى فقد وليده  ، توضأت وقمت للصلاه وعيناي لا اراي بها موضع السجود ،  لعل الله عندما يراني هكذا يرحمني ويبعث الرحمه فى قلبي وحياتي ، لعل قلبي يصير متماسكاُ بعدها وقد حدث  ولكن بعد ذلك صار  مثل كل يوم ، عادت ريمة لعادتها القديمة ،استيقظ كل يوم لأشعر مجدداً بما كان فى اليوم السابق واليوم السابق بما كان فى اليوم الذي يسبقه وهكذا دواليك  ، تلك الآفة التي لم اعد اعرف لها علاجاُ والتي اخفيتها عن الناس جيمعهم حتي اقرب الناس ، حتى من كان بمثابة روحي التى احيا بها ،  حتي لا يرونني مجنوناً ، لا اعرف ان كان مرضاً ام لا ، كيف سأقول اننى اصحوا كل يوم وكأنني عبارة عن سوفت وير يتم تحميل كل ما فيه عندما يتم ضغط زر التشغيل ، ذلك الامر كان منذ صغري وادركته فى سن المراهقة  ،ربما لاني اعيش  الان فى الصحراء ومكان اشبه بالسجن الكبير ، تبعد عن اقرب منفس عنه طريق طويل  جعلني لا ادرك الفرق جيداً ،  لان كل شئ يظل كما هو كل يوم ، تعرف الفارق اذا كان شيئاً قد تغير ، والذي تغير الان اكبر من كل الاشياء ، انها النفس ، الروح ، الايمان بالذات ، تضاءل و انكسر وربما تحطم ولا ادري كيف ومتي يمكن ان يحيا من جديد ! ، لا تعرف هل اللحظات الحالية هى الحقيقة وكل ما دار سابقاً كان كذباً ؟! ، ويظل بين عيني سؤالاً لا اعرف له جواب ،  لماذا كل شئ متكرر فى مراحل عمري ، ربما لاني انطوائي او روتيني ولكني سافرت وتنقلت لاكثر من مكان وتغير الحال لاكثر من مرة وعاشرت اناساً توسمت فيهم الخير ومثلهم رأيت فيهم شراً مستطيراً ، اين اذاً المشكلة ؟ هل هو عقلي ذاته ؟ !
نعم ربما فعلاً ، ولكت كل ما اعلمه ان كل ما يدور فيه الان هو شئ واحد وهو الا اضع ثقتي فى شئ او احب شيئاً حباً مطلقاً يملك كل قلبي ، لان فى لحظة ما سيؤخذ هذا القلب بأكمله ويرمي فى الجحيم ! ، غير آبه من يرميه كيف سيكون ، او كيف سيكمل صاحب هذا القلب حياته بعد ذلك ، غالباً لن يفكر بهذا الشكل ، ستكون تبريراته اكثر اقناعاً له ، سيري ذلك حدثاُ حتمي الحدوث وسيقول لك انه ايضاً يشعر بذلك وربما اكثر ، بكل بساطة يقضي علي قلبك بقرار رآه هو بمنظوره الذي لا يخطي ويكمل حياته ، وتشعر انت بالضياع ، وفقدان كل شئ حي داخل روحك ، والمصيبة الاكبر انك لن تعرف ماذا تفعل غير انك تتألم بضراوة ! ،ربما تتربي داخلك عقدة من الامر وتتسأل كيف ببساطة تترك احدهم يقرر عنك شئ ؟ واين انا فى كل هذا ؟  وتحتاج معجزة ما تغير كل شئ ، او طوفان يجرف كل شئ ، ربما ذلك سيبعث عن الاطمئنان قليلاً !
كنت اتعجب لماذا بعض الناس يفكرون فى الانتحار ، لماذا تصاب بعض الاشخاص بالاحباط والاكتئاب اللذان لا يستطيع معهما ان يفهم للحياة معني او داعٍ؟ ، بالطبع لن افكر فى ذلك ولن اقوم به حتى ان كانت الحياة عبارة عن بقعة سوداء مظلمة لا يضاء شمعه فيها ، ولكن هذا التعجب قد زالت الغشاوة من عليه وادركت ، ادركت فعلاً ولم تكن اسلحتي معى لكي اقاوم ولا يوجد تكافئ فى ساحة المعركة ، فالشعور بالغربة والوحدة والمنفي هم من فى صفي وبقية العالم علي الضفة الاخري !
اتعلم يا من قد تقرأ  يوماً ما اكتب  عندما قمت بوداع الكتابة لم اكن اتمني اذا قُدر لي العودة اليها ان اكتب شيئاً يوحي بالحزن والكآبه ، او تراني شخصاُ بائساً يصنع النكد فى كل مكان يذهب اليه ،ربما لن تكمل قرائتك بعد تلك السطور ولك الحق ، ولكن  لو كنت رأيتني منذ ايام معدودة فقط كنت رأيت شئ مختلفاً تماما عما تبدو كلماتي  عليه الان ، لعله القدر وهذا لا املك شئ فيه ، انا مجرد انسان لا حول له ولا قوة حتي مع اقرب الاقربين اليه 

 ولكن اليك شئ يبهج قليلاً  ، اننى عدت للكتابة ،  بالطبع لا يبهج اننى عدت من تلك البوابة السوداء ولكن ليست البدايات هي من ينظر لها فى النهاية بل ما تم الوصول اليه فى نهاية المطاف وبالرغم من كون البداية ليست جيدة بما يكفي لسردها والتحدث عنها بنوع من الفخر والابتهاج ولكن يجب ان نذكر الحقيقة كما هي .

الحقيقة يا صديقي القارئ واسمح لي ان ادعوك صديقي لان لا يوجد اصدقاء لي تقريباً ، حتي الصديق ماذا سيكون بيده فعله ، ماذا يفعل انبوب اكجسين فى جسد مات ، وحتي وان كان فالمسافات بعيدة جداً كما كان الحال مع من اختفت روحي معه ، كرهت المسافات وكرهت السفر وكرهت اى شئ يمثله بالرغم اننى فى امس الحاجة الان ان اتحرك وامضي واختفي انا الاخر من كل الناس ومن حياتي ، ولكن اين المفر ؟! ، ليس بيدي شئ كما ذكرت ، ولم يفهم الناس ذلك ، عندما تريد ان تقترب من احد ولكن ليس بإستطاعتك فيلقي اللوم عليك وتشعر بالعجز لانك لا تستطيع ان تحرك الرياح لتأخذك اليه ، او تمتلك اسطولاً من الطائرات النفاثة التى تنقلك فى لمح البصر ، او حتى تذكرة ذهاب  بالطائرة  ، ولكن هو اعطاني اياها لاذهب عن حياته بلا عودة ، كأن المسافات بين القلوب صارت كما هى جغرافياً، انا فى الشرق وانت فى الغرب ومحال ان تجتمع ظلالنا معاً

اتسآل اين كانت تلك المسافات من قبل ؟ اين كانت عندما كانت القلوب مجتمعة فى مكان واحد ، اين ذهب الحب الذي يقرب الاميال ويمحو الحدود ؟ اين ذهبت الكلمات التى تقطر عسلاً يشفي ما فى الصدور من اشتياق ؟ لماذا تحول العسل الي سم يسري فى العروق ؟! ، أٌكل ذلك من اجل المسافات ، تبأ اذاً للمسافات !

تباً لكل من رسم الحدود ، تبأ لكل من فرًق البلاد وجعلها شعوب مختلفة عن بعضها البعض
 يصعب التنقل بينها !


اتدري يا صديقي القارئ ان كل شئ ومازال  صعباً  لوكن كان هناك من يجعله هيناً ، اتعلم ماذا يحدث عندما تذهب السحب والغيوم عن ارض قاحلة ، يصير كل شئ صعب اصعب مرتين ! ، المرة الاولي فى اكتشافه والمرة الثانية فى تذكر كيف كان قبلاً عندما كانت تمطر ، اتدري ؟ ربما كانت سراباً ، سراباً دام سنوات تابعت فيها السحب منذ نشأتها ونموها واكتمالها حتى صارت كل السماء ، حتي صار المطر منها قطرات تسقط فتلمئ الارض خضرة والان تركتك السحب والامطار وصارت قاحلة ، بعد كل هذا الجهد والعناء والعرق فى النهاية الارض بارت 

ولن تستطيع سيول ان تعيدها خضرة مرة اخري ، فقد فات القطار وانتهت الرحلة عند المحطة الاخيرة 
 اسف يا صديقي القارئ لن تجد هنا نهايات سعيدة ، حاولت اقسم اننى حاولت .. اعتذر بشدة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عنوان بلا عنوان

  مرهق للغاية، اشعر بالتوتر والخوف ، وكأن ثقل كبير علي راسي وجسدي، الوقت ضيق، دايما ليس هناك متسع لفعل ما يجب ، او مساحة للتعبير بحرية ، لا ...