7 يونيو 2022

عين المغترب وعين المقيم

عين المغترب غير عين المقيم ، تقريباً هما متناقضين تماماً ، بحكم انك مغترب عندما تنزل اجازتك سوف تري البلاد محفلاً لراحتك وليس لعنائك وشقائك ، استعادة الذكريات ، السير في الطرقات ، اكتشاف ما قد تغير بدهشة او بسخرية ، اللقاء الاول بمن كانوا مقربين اليك قبل سفرك ، محاولة التكيف علي الاجواء الجديدة ، الاستقرار في مخدعك الجديد دون قلق من تغير المكان فجأة بعد سنوات تعودت فيها علي مخدع آخر تماماً ، الليل كالنهار والنهار كالليل ، الوقت لديك لم يعد يحسبه الدوام ولا بصمه اصبع كل يوم صباح ومساء ، وجوه جديدة وهو امر لو تعلمونه رائع ! ، لهجتك المصرية دائماً هي ما تسمع وهذا جيد جداً في الواقع ، وصار عليك التخلص من مصطلحات اللهجات الأخرى التي كنت تستعملها دائماً بحكم العادة وليس تعالياً او خروجاً من عباءة الاصل كما يدعي الحمقى ، جرب ان تحيا وسط الانجليز مثلا بضعه اشهر وسيحسبك الناس سائحاً لولا سحنتك المماثلة لهم ! ، ستفاجئ بنظرات لم تكن تراها من قبل ممن حولك ، كمن كان غائباً عن الوعي ثم استيقظ فجأة او علي الاقل هذا ما تشعر ، سيتحدث اليك البعض بتلك النبرة المندهشة كمن يسأل غريباً ، والبعض منهم ستشعر بالندم علي فراقهم تلك السنوات وستتمني ان لو قد أتو معك ، بينما البعض الاخر ستدرك ان السفر في عيونهم هو الخلاص الذي سينقذهم ممن بلائهم المستقر ، في حين انك تري العكس تماماً ، الشقاء هنا هو نفس الشقاء هناك ، علي الاقل هنا ستجد أحداً بجانبك ، في مرضك وشقاءك وفرحك وسعادتك ، في الاعياد والمناسبات ، اشياء لن تدركها بالمكوث انما ستصيبك طلقاتها الطائشة تاركةَ نزيف لا يتوقف عندما تطأ قدماك اراض بعيدة ، علي الاقل ستكون ذكرياتك مليئة بأهلك وليس لغرباء تعاملهم كالأهل ، وبمجرد نزوح احدهم سيكون طيفاً في حياتك قد أتي ومر ، عين المقيم تري الجحيم وهذا بالضبط ما يراه عين المغترب في غربته بينما تلك الراحة التي يفترض ان تجدها في اجازتك يراها هو في فرصة سفره ، اخشي عليه فقط من تلك الصدمة التي سيتلقاها عند وصوله هناك ، نفس الصدمة التي سيتلقاها المغترب اذا قرر المكوث..




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قسمات وجهك

  أحبك وكم احب قسمات وجهك ، تشعرني بان شيئاً داخلي قد فر ، وقد ملكتيه انتِ   شيء يدعي القلب لم أعبئ اين ذهب بل بالأحرى اين استقر ، هناك   ...