6 أكتوبر 2024

لقد وجدت غطاء الخوذة .. يا فندم



حدث معي ذات مرة موقف داخل الكتيبة ، كنت حينها من أولئك الافراد الذين يطلقون عليهم
" قوة خفيف حركة " وهي قوة مساندة في حالة حدوث طوارئ في اللواء او الفرقة
ولديها اعمال كحراسة مباني مهمة رئيسية وارض الطابور ومرافقة ظباط ذو رتب عالية
اثناء مضيهم لمهامهم لغرض تأمينهم وحمايتهم ، كانت لديها مميزات كثيرة أولها ان اجازتها ربما
كل أسبوعاو أسبوعين وتعمل يوم وتستريح اليوم الذي يليه
المهم ، لنأتي بالمفيد ..
حانت اجازتي بها يوماً وكان يجب الذهاب للكتيبة التي علي قوتها الأساسية لتسليم السلاح والشدّة
( نوع من القماش السميك مفصل فقط لتوضع فيها الذخيرة وباقي الأغراض ) ثم خوذة الرأس  
 وجئت للأسف في موعد طابور الخدمات ، او علي ما أتذكر لا يفتح مستودع السلاح
 الا ساعة طابور الخدمات ولك ان تتخيل زملاءك يرونك تسلم عهدتك لتذهب منطلقاً صباحاً
وهم مازالوا هنا  اتعلم ؟ المشكلة لم تكن فيهم ، بل كانت في ضباط الصف
هذا يفسر الهدوء الطاغي لما حدث بعد ذلك
واثناء انتظاري حتى ينتهي طابور الخدمة لاقوم بالتسليم قالي لي احدهم اذهب ونادي الصول " فلان "
وهممت لأذهب ولكني  الأغراض  كانت ثقيلة وتجعلني ابدو مكتوف الايدي
اغراضي واغراض زميلي المرافق الذي كان معي وقد تركها معي لتسليمها بدلاً عنه لظرف ما
وطبعاً لم اعط خوانة وبديهياً تركتها 
 حتى ان الشاويش قالي اتركها واصعد كنوع من التأكيد علي بديهية الامر ، اخدت فقط سلاحي تقريباً
وصعدت لانادي حضرة الصول من غرفته ! ، وعندما عدت وجدت الأغراض كما هي الا شيء واحد فقط
غير موجود وليس بالكاد ملحوظاُ  ، واحمد الله الي يومنا هذا ، انها كانت كذلك فقط
كان ذلك الشئ الناقص هو "غطاء الخوذة"
طبعاً ستقول شيء عادي وتافه ، وماذا يعني غطاء خوذة بين جميع تلك الأغراض 
 هناك سلاح حقيقي حضرتك بذخيرة ستقوم بتسليمهم ، لا تقل لي انهم سيوقفون عملية التسليم
 لاجل ذلك الغطاء ؟! ،  مفاجأة اليس كذلك ؟
علي الأقل استطعت ان اعطيهم كل شيء ولكن تبقي ذلك الغطاء الخفي الذي طار في الهواء فجأة !
وعليك تسليمه قبل الصباح والا ستجلس معنا هنا يا عزيزي نستمتع معاً بأجواء الصحراء الفاتنة 
 الم اقل لك ؟ ،  يوجد طلمبة للمياة هنا ، انظر ، هاه ؟!

بالطبع كان التفسير العملي الوحيد انها وقعت مني اثناء سيري للكتيبة او بالكتيبة نفسها 
 ذهب مراراً وتكراراً علي كل الطرق والمناطق التي ذهبت اليها والتي توقفت عندها حتي بدأت ابحث
 في التي لم اذهب اليها ، وصارت مشكلة عويصة ، وكان هناك جزء مني يقول انها قد تمت سرقتها
ولكنه كان احتمال ضعيف ، فمن الذي سيسرقها ولماذا
ولكن مع الوقت صار ذلك هو الشئ الباقي الوحيد والذي كلما يمر الوقت يزداد تأكيده لدي
خصوصاُ بعد ان قالوا لنا اننا قد تم سحبنا من قوة خفيف حركة والعودة للكتيبة مرة اخري واجلسونا
 بحجة الاجتماع الأسبوعي للكتيبة والذي كان حجة نظرية فقط حتي لا اتحرك واذهب لاي مكان أخر
وبعد بحث مضني توقفت عند المكان الذي اكتشفت فيه اختفاء الغطاء ، وذهبت الي عسكري الخدمة
وقمت بسؤاله ، لان الوقت الذي تركت فيها اغراضي هو وقت طابور الخدمة 
 وعسكري الخدمة هذا كان موجوداً بالتأكيد ويعلم ماذا حدث من وراء ظهري 
 وبعد مداولات قالي لي الحقيقة علي شرط الا أتكلم وافضح الامر
من سرق الغطاء هو " فلان " ولانهم لا يريدونك ورفيقك الذهاب إجازة وكان " فلان " هذا ظابط صف
 وكان جميع الحاضرين يعلمون سواء زملائه او الجنود
  شعرت حينها بأنني في بيئة عفنة وتنميت ان يتم توزيعي علي الحدود
لو كان هذا سيكون خلاصي من هذا المكان

ما يجب فعله تالياً هو مهمة البحث عن غطاء بديل ، والتي كانت تبدو كالمهمات المستحيلة
لان بالتأكيد ليس هناك غطاء بلا خوذة ولن تنزل من السماء ولا يوجد شيء مفقود في الكتيبة
ولا يتم احصاؤه مسبقاً، ولو كانت قطعة قماش ولأن ليس هناك دليلاً علي سرقة " فلان " للغطاء
وبالطبع لن يشهد عليه احد ممن كانوا حاضرين، ولانهم تعاملوا وكأن شيء لم يحدث 
 فكل شيء هادئ في الميدان الغربي
وفجأة دون مقدمات ابصرت عيناي شيئاً ، كان لطف الله عز وجل بي عظيماً
اذ وجدت تحت سلم مبني السلاح والذي هو نفسه بالدور العلوي سكن الجنود وظباط الصف
خوذة لم يهتم بها احد ولا يراها ، كانت قديمة، شبه صدئة ، بالطبع ليست نفس اللون تحديداً
او الشكل بالضبط ولكنها كانت تفي بالغرض  المهم غطاء خوذة والسلام 
  تنفست الصعداء ، اذاً الحل بسيط ، تمت المهمة بنجاح
لعلها من اكثر المهمات نجاحاً خلال فترة خدمتي لانها كانت مهمتي انا
 وليس من اجل حضرة وسيادة ومعالي القائد الهمام التمام ، كانت وكأنها معجزة
 وكأنها نزلت من السماء ، يالله .. ، لو اشرقت الشمس وظللت كما انا لكان استفحل الامر
 وأصبحت عبرة لمن يعتبر
قمت وضعتها علي تلك الخوذة الملساء وقلت لزميلي الواقف خدمة انت لم تري شيئاً
ولا انا قد سمعت منك شيئاً
 صعدت الدرج ودققت باب الشاويش " فلان " المسؤول عن الاستلام واتحفته بالخبر السعيد
 " لقد وجدت غطاء الخوذة يا ... فندم "
كان محملقاً في شاشة التليفزيون ممداً ساقيه علي سريره والذي كان افضل من سرائر عنابرنا مجتمعة
وظل ينظر الي غير مصدق ، وسألني هل انت متأكد ؟
 فاجبته بنعم وعلي وجهي علامات الاستغفال والبراءة
كمن لا يدري ما يحدث حوله ، وكانت عينياي تنطق بشئ اخر وسعيت لان اخفيه
ولكن حتي وان رأى فهو مثلي تماماً برئ أيضا ، لان ليس هناك شيء قد حدث  ، اليس كذلك ؟!
 كانت الحقيقة الوحيدة تلك اللحظة هي الهواء الذي نتنفسه فقط
ظل ناظراً لي كمن ادرك كل شيء وظل صامتاً قليلاً ثم قال لي ان انتبه لاغراضك بعد ذلك
ولا تترك شيئاً مرة اخري من يدك وتذهب من دونه ، كنت اتمني ان ارد علي كلماته
 انني قد ائتمنتكم علي اغراضي وجميعنا اخوة هنا ولكن بدلاً من ذلك
ابتسمت كجندي صالح مطيع وأتممت علي كلماته ومضيت في حال سبيلي ، وكان قلبي سعيداً
ليس لانني اخيراً سأذهب للاجازة في الصباح الباكر بل .. من المؤكد انك تعرف  






عنوان بلا عنوان

  مرهق للغاية، اشعر بالتوتر والخوف ، وكأن ثقل كبير علي راسي وجسدي، الوقت ضيق، دايما ليس هناك متسع لفعل ما يجب ، او مساحة للتعبير بحرية ، لا ...